وَالرِّبَابُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْأُولَى الْمُوَحَّدَةِ.
[يَوْمُ أُوَارَةَ الْأَوَّلُ]
وَهُوَ يَوْمٌ كَانَ بَيْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَبَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.
وَكَانَ سَبَبَهُ أَنَّ تَغْلِبَ لَمَّا أَخْرَجَتْ سَلَمَةَ بْنَ الْحَارِثِ عَنْهَا، الْتَجَأَ إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، فَلَمَّا صَارَ عِنْدَ بَكْرٍ أَذْعَنَتْ لَهُ وَحَشَدَتْ عَلَيْهِ وَقَالُوا: لَا يَمْلِكُنَا غَيْرُكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الْمُنْذِرُ يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ، فَأَبَوْا ذَلِكَ، فَحَلَفَ الْمُنْذِرُ لَيَسِيرَنَّ إِلَيْهِمْ فَإِنْ ظَفِرَ بِهِمْ فَلَيَذْبَحَنَّهُمْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلِ أُوَارَةَ حَتَّى يَبْلُغَ الدَّمُ الْحَضِيضَ.
وَسَارَ إِلَيْهِمْ فِي جُمُوعِهِ، فَالْتَقَوْا بِأُوَارَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا وَأَجْلَتِ الْوَاقِعَةُ عَنْ هَزِيمَةِ بَكْرٍ وَأَسْرِ يَزِيدَ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْكِنْدِيِّ، فَأَمَرَ الْمُنْذِرُ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَأَسَرَ الْمُنْذِرُ مِنْ بَكْرٍ أَسْرَى كَثِيرَةً فَأَمَرَ بِهِمْ فَذُبِحُوا عَلَى جَبَلِ أُوَارَةَ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَجْمُدُ. فَقِيلَ لَهُ: أَبَيْتَ اللَّعْنَ لَوْ ذَبَحْتَ كُلَّ بَكْرِيٍّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَمْ تَبْلُغْ دِمَاؤُهُمُ الْحَضِيضَ! وَلَكِنْ لَوْ صَبَبْتَ عَلَيْهِ الْمَاءَ! فَفَعَلَ فَسَالَ الدَّمُ إِلَى الْحَضِيضِ، وَأَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يُحْرَقْنَ بِالنَّارِ.
وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مُنْقَطِعًا إِلَى الْمُنْذِرِ، فَكَلَّمَهُ فِي سَبْيِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَأَطْلَقَهُنَّ الْمُنْذِرُ، فَقَالَ الْأَعْشَى يَفْتَخِرُ بِشَفَاعَةِ الْقَيْسِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ فِي بَكْرٍ:
وَمِنَّا الَّذِي أَعْطَاهُ بِالْجَمْعِ رَبُّهُ ... عَلَى فَاقَةٍ وَلِلْمُلُوكِ هِبَاتُهَا
سَبَايَا بَنِي شَيْبَانَ يَوْمَ أُوَارَةَ ... عَلَى النَّارِ إِذْ تُجْلَى لَهُ فَتَيَاتُهَا
[يَوْمُ أُوَارَةَ الثَّانِي]
كَانَ عَمْرُو بْنُ الْمُنْذِرِ اللَّخْمِيُّ قَدْ تَرَكَ ابْنًا لَهُ اسْمُهُ أَسْعَدُ عِنْدَ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسٍ التَّمِيمِيِّ، فَلَمَّا تَرَعْرَعَ مَرَّتْ بِهِ نَاقَةٌ سَمِينَةٌ فَعَبَثَ بِهَا فَرَمَى ضَرْعَهَا، فَشَدَّ عَلَيْهِ رَبُّهَا سُوَيْدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute