أَحَدُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارِمٍ التَّمِيمِيُّ فَقَتَلَهُ. وَهَرَبَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ فَحَالَفَ قُرَيْشًا. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْمُنْذِرِ غَزَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَعَهُ زُرَارَةُ فَأَخْفَقَ، فَلَمَّا كَانَ حِيَالَ جَبَلَيْ طَيِّءٍ قَالَ لَهُ زُرَارَةُ: أَيُّ مَلِكٍ إِذَا غَزَا لَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يُصَبْ، فَمِلْ عَلَى طَيِّءٍ فَإِنَّكَ بِحِيَالِهَا، فَمَالَ إِلَيْهِمْ فَأَسَرَ وَقَتَلَ وَغَنِمَ، فَكَانَتْ فِي صُدُورِ طَيِّءٍ عَلَى زُرَارَةَ، فَلَمَّا قَتَلَ سُوَيْدٌ أَسْعَدَ، وَزُرَارَةُ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ عَمْرٍو، قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مِلْقَطٍ الطَّائِيُّ يُحَرِّضُ عَمْرًا عَلَى زُرَارَةَ:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا بِأَنَّ الْ ... مَرْءَ لَمْ يُخْلَقْ صُبَارَهْ
هَا إِنَّ عَجْزَةَ أُمِّهِ ... بِالسَّفْحِ أَسْفَلُ مِنْ أُوَارَهْ
فَاقْتُلْ زُرَارَةَ لَا أَرَى ... فِي الْقَوْمِ أَوْفَى مِنْ زُرَارَهْ
فَقَالَ عَمْرٌو يَا زُرَارَةُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ كُذِبْتَ، قَدْ عَلِمْتَ عَدَاوَتَهُمْ فِيكَ. قَالَ: صَدَقْتَ. فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ سَارَ زُرَارَةُ مُجِدًّا إِلَى قَوْمِهِ وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرِضَ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: يَا حَاجِبُ ضُمَّ إِلَيْكَ غِلْمَتِي فِي بَنِي نَهْشَلٍ. وَقَالَ لِابْنِ أَخِيهِ عَمْرِو بْنِ عَمْرٍو: عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ مِلْقَطٍ فَإِنَّهُ حَرَّضَ عَلَيَّ الْمَلِكَ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَمَّاهُ لَقَدْ أَسْنَدْتَ إِلَيَّ أَبْعَدَهُمَا شُقَّةً وَأَشَدَّهُمَا شَوْكَةً.
فَلَمَّا مَاتَ زُرَارَةُ تَهَيَّأَ عَمْرُو بْنُ عَمْرٍو فِي جَمْعٍ وَغَزَا طَيِّئًا فَأَصَابَ الطَّرِيفَيْنِ: طَرِيفَ بْنَ مَالِكٍ، وَطَرِيفَ بْنَ عَمْرٍو، وَقَتَلَ الْمَلَاقِطَ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبَدَةَ فِي ذَلِكَ:
وَنَحْنُ جَلَبْنَا مِنْ ضَرِيَّةِ خَيْلِنَا ... نُجَنِّبُهَا حَدَّ الْإِكَامِ قِطَاطَا
أَصَبْنَا الطَّرِيفَ وَالطَّرِيفَ بْنَ مَالِكٍ ... وَكَانَ شِفَاءَ الْوَاصِبِينَ الْمُلَاقِطَا
فَلَمَّا بَلَغَ عَمْرَو بْنَ الْمُنْذِرِ وَفَاةُ زُرَارَةَ غَزَا بَنِي دَارِمٍ، وَقَدْ كَانَ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ مِنْهُمْ مِائَةً، فَسَارَ يَطْلُبُهُمْ حَتَّى بَلَغَ أُوَارَةَ، وَقَدْ نَذَرُوا بِهِ فَتَفَرَّقُوا. فَأَقَامَ مَكَانَهُ وَبَثَّ سَرَايَاهُ فِيهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute