الصِّفَةَ. وَمَنَعَهُ مِنَ الدُّخُولِ إِلَى نِسَائِهِ) .
[ذِكْرُ قِسْمَةِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ]
لَمَّا رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الطَّائِفِ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ، وَأَتَتْهُ وُفُودُ هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَسْلَمُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَقَامَ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَهُمُ الَّذِينَ أَرْضَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا فِي الْحَظَائِرِ عَمَّاتُكَ وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ، وَلَوْ أَنَّا أَرْضَعْنَا الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيَّ أَوِ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ لَرَجَوْنَا عَطْفَهُ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ! ثُمَّ قَالَ:
امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَدَّخِرُ امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ مُمَزَّقٌ شَمْلُهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ
فِي أَبْيَاتٍ. فَخَيَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَبَيْنَ أَمْوَالِهِمْ، فَاخْتَارُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، فَإِذَا أَنَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ فَقُولُوا: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا، فَسَأُعْطِيكُمْ وَأَسْأَلُ فِيكُمْ. فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ. وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ. وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي تَمِيمٍ فَلَا. وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: مَا كَانَ لِي وَلِفَزَارَةَ فَلَا. وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: مَا كَانَ لِي وَلِسُلَيْمٍ فَلَا. فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ: وَهَّنْتُمُونِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَمَسَّكَ بِحَقِّهِ مِنَ السَّبْيِ فَلَهُ بِكُلِّ إِنْسَانٍ سِتُّ فَرَائِضَ، مِنْ أَوَّلِ شَيْءٍ نُصِيبُهُ، فَرَدُّوا عَلَى النَّاسِ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ.
وَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ، فَقِيلَ: إِنَّهُ بِالطَّائِفِ. فَقَالَ: أَخْبِرُوهُ إِنْ أَتَانِي مُسْلِمًا رَدَدْتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَيْتُهُ مِائَةَ بَعِيرٍ. فَأُخْبِرَ مَالِكٌ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ مِنَ الطَّائِفِ سِرًّا وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute