للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَة]

٦٠٥ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ

ذِكْرُ مُلْكِ الْكَرَجِ أَرْجِيشَ وَعَوْدِهِمْ عَنْهَا

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَتِ الْكَرَجُ فِي جُمُوعِهَا إِلَى وِلَايَةِ خِلَاطَ، وَقَصَدُوا مَدِينَةَ أَرْجِيشَ، فَحَصَرُوهَا وَمَلَكُوهَا عَنْوَةً، وَنَهَبُوا جَمِيعَ مَا بِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَسَرُوا وَسَبَوْا أَهْلَهَا، وَأَحْرَقُوهَا، وَخَرَّبُوهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا أَحَدٌ ; فَأَصْبَحَتْ خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ.

وَكَانَ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ، صَاحِبُ أَرْمِينِيَّةَ، بِمَدِينَةِ خِلَاطَ، وَعِنْدَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعَسَاكِرِ، فَلَمْ يُقْدِمْ عَلَى الْكَرَجِ لِأَسْبَابٍ: مِنْهَا كَثْرَتُهُمْ، وَخَوْفُهُ مِنْ أَهْلِ خِلَاطَ ; لِمَا كَانَ أَسْلَفَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَذَى خَافَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الْعَوْدِ إِلَيْهَا، فَلَمَّا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى قِتَالِ الْكَرَجِ، عَادُوا إِلَى بِلَادِهِمْ سَالِمِينَ لَمْ يَذْعَرْهُمْ ذَاعِرٌ، وَهَذَا جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا شَدِيدًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَإِنَّهُ يَسِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كَانَ مِمَّا نَذْكُرُهُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ إِلَى سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.

ذِكْرُ قَتْلِ سَنْجَر شَاهْ وَمُلْكِ ابْنِهِ مَحْمُودٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ سَنْجَر شَاهْ بْنُ غَازِي بْنِ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِي بْنِ آقْسُنْقُرَ، صَاحِبُ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ نُورِ الدِّينِ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، قَتَلَهُ ابْنُهُ غَازِي ; وَلَقَدْ سَلَكَ ابْنُهُ فِي قَتْلِهِ طَرِيقًا عَجِيبًا يَدُلُّ عَلَى مَكْرٍ وَدَهَاءٍ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنْ سَنْجَرَ كَانَ سَيِّئَ السِّيرَةِ مَعَ النَّاسِ كُلِّهِمْ مِنَ الرَّعِيَّةِ وَالْجُنْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>