[يَوْمُ مُسْحُلَانَ]
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: غَزَا رَبِيعَةُ بْنُ زِيَادٍ الْكَلْبِيُّ فِي جَيْشٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَلَقِيَ جَيْشًا لِبَنِي شَيْبَانَ عَامَّتُهُمْ بَنُو أَبِي رَبِيعَةَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَظَفِرَتْ بِهِمْ بَنُو شَيْبَانَ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَذَلِكَ يَوْمُ مُسْحُلَانَ، وَأَسَرُوا نَاسًا كَثِيرًا، وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ. وَكَانَ رَئِيسَ شَيْبَانَ هَؤُلَاءِ حَيَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْمُحَلَّمِيُّ، وَقِيلَ: كَانَ رَئِيسَهُمْ زِيَادُ بْنُ مَرْثَدٍ مِنْ بَنِي أَبِي رَبِيعَةَ، فَقَالَ شَاعِرُهُمْ:
سَائِلْ رَبِيعَةَ حَيْثُ حَلَّ بِجَيْشِهِ ... مَعَ الْحَيِّ كَلْبٌ حَيْثُ لَبَّتْ فَوَارِسُهْ
عَشِيَّةَ وَلَّى جَمْعُهُمْ فَتَتَابَعُوا ... فَصَارَ إِلَيْنَا نَهْبُهُ وَعَوَانِسُهْ
ثُمَّ إِنَّ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْكَلْبِيَّ نَافَرَ قَوْمَهُ وَحَارَبَهُمْ فَهَزَمُوهُ. فَاعْتَزَلَهُمْ وَسَارَ حَتَّى حَلَّ بِبَنِي شَيْبَانَ، فَاسْتَجَارَ بِرَجُلٍ اسْمُهُ زِيَادٌ مِنْ بَنِي أَبِي رَبِيعَةَ، فَقَتَلَهُ بَنُو أَسْعَدَ بْنِ هَمَّامٍ، ثُمَّ إِنَّ شَيْبَانَ حَمَلُوا دِيَتَهُ إِلَى كَلْبٍ مِائَتَيْ بَعِيرٍ فَرَضُوا.
[حَرْبٌ لِسُلَيْمٍ وَشَيْبَانَ]
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: خَرَجَ جَيْشٌ لِبَنِي سُلَيْمٍ عَلَيْهِمُ النَّصِيبُ السُّلَمِيُّ وَهُمْ يُرِيدُونَ الْغَارَةَ عَلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. فَلَقِيَهُمْ رَجُلٌ مِنْ شَيْبَانَ اسْمُهُ صُلَيْعُ بْنُ عَبْدِ غَنْمٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُسَمَّى الْبَحْرَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي شَيْبَانَ. فَقَالَ لَهُمْ: مَهْلًا فَإِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، وَإِيَّاكُمْ وَبَنِي شَيْبَانَ، فَإِنِّي أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ فَرَسٍ خَصِيٍّ سِوَى الْفُحُولِ وَالْإِنَاثِ. فَأَبَوْا إِلَّا الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ، فَدَفَعَ صُلَيْعٌ فَرَسَهُ رَكْضًا حَتَّى أَتَى قَوْمَهُ فَأَنْذَرَهُمْ. فَرَكِبَتْ شَيْبَانُ وَاسْتَعَدُّوا، فَأَتَاهُمْ بَنُو سُلَيْمٍ وَهُمْ مُعَدُّونَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَظَفِرَتْ شَيْبَانُ وَانْهَزَمَتْ سُلَيْمٌ وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ كَثِيرَةٌ، وَأُسِرَ النَّصِيبُ رَئِيسُهُمْ، أَسَرَهُ عِمْرَانُ بْنُ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيُّ فَضَرَبَ رَقَبَتَهُ، فَقَالَ صُلَيْعٌ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute