[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ]
٧٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
ذِكْرُ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
لَمَّا بُويِعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالشَّامِ بَعَثَ إِلَى الْمَدِينَةِ عُرْوَةَ بْنَ أُنَيْفٍ فِي سِتَّةِ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ، وَأَنْ يُعَسْكِرَ بِالْعَرْصَةِ، وَكَانَ عَامِلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمَدِينَةِ الْحَارِثُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَهَرَبَ الْحَارِثُ، وَكَانَ ابْنُ أُنَيْفٍ يَدْخُلُ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، فَأَقَامَ شَهْرًا وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحَدًا.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ، فَعَادَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ الْقُرَظِيُّ، ثُمَّ عَادَ الْحَارِثُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سُلَيْمَانَ بْنَ خَالِدٍ الزُّرَقِيَّ الْأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا عَامِلًا عَلَى خَيْبَرَ وَفَدَكَ، فَنَزَلَ فِي عَمَلِهِ، فَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْحَكَمِ - وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَهُوَ أَصَحُّ - فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ وَادِي الْقُرَى، وَسَيَّرَ سَرِيَّةً عَلَيْهَا أَبُو الْقَمْقَامِ فِي خَمْسِمِائَةٍ إِلَى سُلَيْمَانَ، فَوَجَدَهُ قَدْ هَرَبَ، فَطَلَبُوهُ فَأَدْرَكُوهُ، فَقَتَلُوهُ وَمَنْ مَعَهُ. فَاغْتَمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِقَتْلِهِ وَقَالَ: قَتَلُوا رَجُلًا مُسْلِمًا صَالِحًا بِغَيْرِ ذَنْبٍ.
وَعَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحَارِثَ، وَاسْتَعْمَلَ مَكَانَهُ جَابِرَ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ، فَوَجَّهَ جَابِرٌ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قَيْسٍ فِي سِتِّمِائَةِ فَارِسٍ وَأَرْبَعِينَ فَارِسًا إِلَى خَيْبَرَ، فَوَجَدُوا أَبَا الْقَمْقَامِ وَمَنْ مَعَهُ مُقِيمِينَ بِفَدَكَ يَعْسِفُونَ النَّاسَ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ أَبِي الْقَمْقَامِ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا، فَقُتِلُوا صَبْرًا. وَقِيلَ: بَلْ قُتِلَ الْخَمْسُمِائَةِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ.
وَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ طَارِقَ بْنَ عَمْرٍو مَوْلَى عُثْمَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ بَيْنَ أَيْلَةَ وَوَادِي الْقُرَى، وَيَمْنَعَ عُمَّالَ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الِانْتِشَارِ، وَيَسُدَّ خَلَلًا إِنْ ظَهَرَ لَهُ.
فَوَجَّهَ طَارِقٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ خَيْلًا، فَاقْتَتَلُوا، فَأُصِيبَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَأُصِيبَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute