[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٠٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ضَمِنَ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ أَعْمَالَ الْخَرَاجِ، وَالضِّيَاعِ الْخَاصَّةِ، وَالْعَامَّةِ، وَالْمُسْتَحْدَثَةِ، وَالْفُرَاتِيَّةِ بِسَوَادِ بَغْدَاذَ، وَالْكُوفَةِ، وَوَاسِطَ، وَالْبَصْرَةِ، وَالْأَهْوَازِ، وَأَصْبَهَانَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ قَدْ تَعَطَّلَ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَتَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى شَرَعَ فِي هَذَا لِيَصِيرَ لَهُ حَدِيثٌ وَأَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَاسْتَأْذَنَ الْمُقْتَدِرَ فِي الِانْحِدَارِ إِلَى وَاسِطَ (لِيُدَبِّرَ أَمْرَ ضَمَانِهِ الْأَوَّلِ) ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَانْحَدَرَ إِلَيْهَا وَاسْمُ الْوِزَارَةِ عَلَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى يُدَبِّرُ الْأُمُورَ، وَأَظْهَرَ حَامِدٌ زِيَادَةً ظَاهِرَةً فِي الْأَمْوَالِ، وَزَادَ زِيَادَةً مُتَوَفِّرَةً، فَسُرَّ الْمُقْتَدِرُ بِذَلِكَ، وَبَسَطَ يَدَ حَامِدٍ عَلَى الْأَعْمَالِ، حَتَّى خَافَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى.
ثُمَّ إِنَّ السِّعْرَ تَحَرَّكَ بِبَغْدَاذَ، فَثَارَتِ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ لِذَلِكَ، وَاسْتَغَاثُوا، وَكَسَرُوا الْمَنَابِرَ، وَكَانَ حَامِدٌ يُخَزِّنُ الْغِلَالَ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْقُوَّادِ وَنُهِبَتْ عِدَّةٌ مِنْ دَكَاكِينِ الدَّقَاقِينَ، فَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِإِحْضَارِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، فَحَضَرَ مِنَ الْأَهْوَازَ، فَعَادَ النَّاسُ مِنْ شَغَبِهِمْ، فَأُنْفِذَ حَامِدٌ لِمَنْعِهِمْ، فَقَاتَلُوهُمْ، وَأَحْرَقُوا الْجِسْرَيْنِ، وَأَخْرَجُوا الْمُحَبَّسِينَ مِنَ السُّجُونِ، وَنَهَبُوا دَارَ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، وَلَمْ يَتْرُكُوا لَهُ شَيْئًا، فَأَنْفَذَ الْمُقْتَدِرُ جَيْشًا مَعَ غَرِيبِ الْخَالِ، فَقَاتَلَ الْعَامَّةَ، فَهَرَبُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَدَخَلُوا الْجَامِعَ بِبَابِ الطَّاقِ، فَوَكَّلَ بِأَبْوَابِ الْجَامِعِ، وَأَخَذَ كُلَّ مَنْ فِيهِ فَحَبَسَهُمْ، وَضَرَبَ بَعْضَهُمْ، وَقَطَعَ أَيْدِي مَنْ يُعْرَفُ بِالْفَسَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute