ثُمَّ أَمَرَ الْمُقْتَدِرُ مِنَ الْغَدِ، فَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِالْأَمَانِ، فَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ، ثُمَّ إِنْ حَامِدًا رَكِبَ إِلَى دَارِ الْمُقْتَدِرِ فِي الطَّيَّارِ، فَرَجَمَهُ الْعَامَّةُ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِتَسْكِينِهِمْ فَسَكَنُوا، وَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِفَتْحِ مَخَازِنِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ الَّتِي لِحَامِدٍ، وَلِأُمِّ الْمُقْتَدِرِ، وَغَيْرِهِمَا، وَبَيْعِ مَا فِيهَا، فَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ، وَسَكَنَ النَّاسُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى لِلْمُقْتَدِرِ: إِنَّ سَبَبَ غَلَاءِ الْأَسْعَارِ إِنَّمَا هُوَ ضَمَانُ حَامِدٍ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ بَيْعِ الْغِلَالِ فِي الْبَيَادِرِ وَخَزَنَهَا، فَأَمَرَ بِفَسْخِ الضَّمَانِ عَنْ حَامِدٍ، وَصَرْفِ عُمَّالِهِ عَنِ السَّوَادِ، وَأَمَرَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ، فَسَكَنَ النَّاسُ وَاطْمَأَنُّوا، وَكَانَ أَصْحَابُ حَامِدٍ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ الشَّغَبَ كَانَ بِوَضْعٍ مِنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى.
ذِكْرُ أَمْرِ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَفِرَ الْأَمِيرُ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ صَاحِبُ خُرَاسَانَ (وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ) بِأَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ حَالَهُ مِنْ أَوَّلِهِ.
كَانَ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ هَذَا مِنْ كِبَارِ قُوَّادِ الْأَمِيرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ، وَوَلَدِهِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَوَلَدِهِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْجُيُوشِ فِي الْحُرُوبِ مَا يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ.
وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْوَلِيدِ (بْنِ جَبَلَةَ) بْنِ كَامْكَارَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ بْنِ شَهْرَيَارَ الْمَلِكِ، وَكَانَ كَامْكَارُ دِهْقَانًا بِنُوَاحِي مَرْوَ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ الْوَرْدُ الْكَامْكَارِيُّ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْحُمْرَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالرَّيِّ الْقَصْرَانِيَّ، وَبِالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ الْجُورِيَّ، يُنْسَبُ إِلَى قَصْرَانَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالرَّيِّ، وَإِلَى مَدِينَةِ جُورَ، وَهِيَ مِنْ مُدُنِ فَارِسَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute