وَأَبَرُّهُمْ بِرًّا وَأَعْ
مَلُهُمْ بِهَدْيِ الصَّالِحِينَا ... أَبْقَتْ لَنَا الْأَيَّامُ وَالْ
حَرْبُ الْمَهَمَّةُ تَعْتَرِينَا ... كَبْشًا لَهُ قَرْنٌ يَعَ
ضُّ حُسَامُهُ الذَّكَرَ السَّنِينَا
فَقَالَ أَبُو جُبَيْلَةَ: عَسَلٌ طَيِّبٌ فِي وِعَاءِ سُوءٍ، وَكَانَ الرَّمْقُ رَجُلًا ضَئِيلًا، فَقَالَ الرَّمْقُ: إِنَّمَا الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ. وَرَجَعَ أَبُو جُبَيْلَةَ إِلَى الشَّامِ.
(حُرُضٌ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَآخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ) .
[حَرْبُ سُمَيْرٍ]
وَلَمْ يَزَلِ الْأَنْصَارُ عَلَى حَالِ اتِّفَاقٍ وَاجْتِمَاعٍ، وَكَانَ أَوَّلُ اخْتِلَافٍ وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَحَرْبٌ كَانَتْ لَهُمْ حَرْبَ سُمَيْرٍ.
وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ يُقَالُ لَهُ كَعْبُ بْنُ الْعَجْلَانِ نَزَلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ السَّالِمِيِّ فَحَالَفَهُ وَأَقَامَ مَعَهُ. فَخَرَجَ كَعْبٌ يَوْمًا إِلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَرَأَى رَجُلًا مِنْ غَطَفَانَ مَعَهُ فَرَسٌ وَهُوَ يَقُولُ: لِيَأْخُذْ هَذَا الْفَرَسَ أَعَزُّ أَهْلِ يَثْرِبَ. فَقَالَ رَجُلٌ: فُلَانٌ. وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: أُحَيْحَةُ بْنُ الْجُلَاحِ الْأَوْسِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْيَهُودِيُّ أَفْضَلُ أَهْلِهَا. فَدَفَعَ الْغَطَفَانِيُّ الْفَرَسَ إِلَى مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ. فَقَالَ كَعْبٌ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ حَلِيفِي مَالِكًا أَفْضَلُكُمْ؟ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَوْسِ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يُقَالُ لَهُ سُمَيْرٌ وَشَتَمَهُ وَافْتَرَقَا، وَبَقِيَ كَعْبٌ مَا شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ قَصَدَ سُوقًا لَهُمْ بِقُبَا فَقَصَدَهُ سُمَيْرٌ وَلَازَمَهُ حَتَّى خَلَا السُّوقُ فَقَتَلَهُ. وَأُخْبِرَ مَالِكُ بْنُ الْعَجْلَانِ بِقَتْلِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَطْلُبُ قَاتِلَهُ، فَأَرْسَلُوا: إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُ. وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ، هُوَ يَطْلُبُ سُمَيْرًا وَهُمْ يُنْكِرُونَ قَتْلَهُ، ثُمَّ عَرَضُوا عَلَيْهِ الدِّيَةَ فَقَبِلَهَا. وَكَانَتْ دِيَةُ الْحَلِيفِ فِيهِمْ نِصْفَ دِيَةِ النَّسِيبِ مِنْهُمْ. فَأَبَى مَالِكٌ إِلَّا أَخَذَ دِيَةً كَامِلَةً، وَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: نُعْطِي دِيَةَ الْحَلِيفِ، وَهِيَ النِّصْفُ. وَلَجَّ الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ حَتَّى آلَ إِلَى الْمُحَارَبَةِ، فَاجْتَمَعُوا وَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا وَافْتَرَقُوا. وَدَخَلَ فِيهَا سَائِرُ بُطُونِ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ الْتَقَوْا مَرَّةً أُخْرَى وَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، وَكَانَ الظَّفَرُ يَوْمَئِذٍ لِلْأَوْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute