[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ] [ذكر مَسِيرِ مَنْ سَارَ إِلَى حَصْرِ عُثْمَانَ]
٣٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ
ذكر مَسِيرِ مَنْ سَارَ إِلَى حَصْرِ عُثْمَانَ
قِيلَ: فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَسِيرُ مَنْ سَارَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى ذِي خُشُبٍ، وَمَسِيرُ مَنْ سَارَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى ذِي الْمَرْوَةِ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبَأٍ كَانَ يَهُودِيًّا، وَأَسْلَمَ أَيَّامَ عُثْمَانَ، ثُمَّ تَنَقَّلَ فِي الْحِجَازِ ثُمَّ بِالْبَصْرَةِ ثُمَّ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ بِالشَّامِ يُرِيدُ إِضْلَالَ النَّاسِ، فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَأَخْرَجَهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَأَتَى مِصْرَ فَأَقَامَ فِيهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: الْعَجَبُ مِمَّنْ يُصَدِّقُ أَنَّ عِيسَى يَرْجِعُ، وَيُكَذِّبُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَرْجِعُ، فَوَضَعَ لَهُمُ الرَّجْعَةَ، فَقُبِلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّهُ كَانَ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ، وَعَلِيٌّ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَثَبَ عَلَى وَصِيِّهِ، وَإِنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَانْهَضُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَابْتَدِءُوا بِالطَّعْنِ عَلَى أُمَرَائِكُمْ، وَأَظْهِرُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ تَسْتَمِيلُوا بِهِ النَّاسَ.
وَبَثَّ دُعَاتَهُ، وَكَاتَبَ مَنِ اسْتَفْسَدَ فِي الْأَمْصَارِ وَكَاتَبُوهُ، وَدَعَوْا فِي السِّرِّ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ رَأْيُهُمْ، وَصَارُوا يَكْتُبُونَ إِلَى الْأَمْصَارِ بِكُتُبٍ يَضَعُونَهَا فِي عَيْبِ وُلَاتِهِمْ، وَيَكْتُبُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ مِنْهُمْ إِلَى مِصْرٍ آخَرَ بِمَا يَصْنَعُونَ، حَتَّى تَنَاوَلُوا بِذَلِكَ الْمَدِينَةَ وَأَوْسَعُوا بِذَلِكَ الْأَرْضَ إِذَاعَةً، فَيَقُولُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ: إِنَّا لَفِيَ عَافِيَةٍ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ هَؤُلَاءِ، إِلَّا أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُمْ جَاءَهُمْ ذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، فَقَالُوا: إِنَّا لَفِيَ عَافِيَةٍ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ. فَأَتَوْا عُثْمَانَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيَأْتِيكَ عَنِ النَّاسِ الَّذِي يَأْتِينَا؟ فَقَالَ: مَا جَاءَنِي إِلَّا السَّلَامَةُ وَأَنْتُمْ شُرَكَائِي وَشُهُودُ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ. قَالُوا: نُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَبْعَثَ رِجَالًا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِمْ إِلَى الْأَمْصَارِ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْكَ بِأَخْبَارِهِمْ.
فَدَعَا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَرْسَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْبَصْرَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute