[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥١٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ طَاعَةِ الْمَلِكِ طُغْرَلَ لِأَخِيهِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ
وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَطَاعَ الْمَلِكُ طُغْرَلُ أَخَاهُ السُّلْطَانَ مَحْمُودًا، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَصَدَ أَذْرَبِيجَانَ فِي السَّنَةِ الْخَالِيَةِ لِيَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا، وَكَانَ أَتَابِكُهُ كُنْتَغْدِي يُحَسِّنُ لَهُ ذَلِكَ، وَيُقَوِّيهِ عَلَيْهِ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ مَرِضَ، وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَكَانَ الْأَمِيرُ آقْسُنْقُرُ الْأَحْمَدَيْلِيُّ، صَاحِبُ مَرَاغَةَ، عِنْدَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ بِبَغْدَاذَ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْمُضِيِّ إِلَى إِقْطَاعِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا سَارَ عَنِ السُّلْطَانِ ظَنَّ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ كُنْتَغْدِي مِنَ الْمَلِكِ طُغْرَلَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْمُكَاشَفَةِ لِأَخِيهِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَقَالَ لَهُ: إِذَا وَصَلْتَ إِلَى مَرَاغَةَ اتَّصَلَ بِكَ عَشَرَةُ آلَافِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ.
فَسَارَ مَعَهُ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى أَرْدَبِيلَ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهَا دُونَهُمْ، فَسَارُوا عَنْهَا إِلَى قَرِيبِ تِبْرِيزَ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ أَنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُودًا سَيَّرَ الْأَمِيرَ جُيُوشْ بِكْ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَأَقْطَعَهُ الْبِلَادَ، وَأَنَّهُ نَزَلَ مَرَاغَةَ فِي عَسْكَرٍ كَثِيفٍ مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ.
فَلَمَّا تَيَقَّنُوا ذَلِكَ عَدَلُوا ذَلِكَ إِلَى خُوَنْجَ، وَانْتَقَضَ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا فِيهِ، وَرَاسَلُوا الْأَمِيرَ شِيرِكِيرَ الَّذِي كَانَ أَتَابِكَ طُغْرَلَ، أَيَّامَ أَبِيهِ، يَدْعُونَهُ إِلَى إِنْجَادِهِمْ، وَقَدْ كَانَ كُنْتَغْدِي قَبَضَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ السُّلْطَانُ سَنْجَرَ، فَعَادَ إِلَى إِقْطَاعِهِ، أَبْهَرَ، وَزَنْجَانَ، وَكَاتَبُوهُ فَأَجَابَهُمْ، وَاتَّصَلَ بِهِمْ، وَسَارَ مَعَهُمْ إِلَى أَبْهَرَ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُمْ مَا أَرَادُوا، فَرَاسَلُوا السُّلْطَانَ بِالطَّاعَةِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ أَوَّلَ هَذِهِ السَّنَةِ، وَتَمَّتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute