[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِمِائَة]
٤٠٠ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَقْعَةِ نَارَيْنَ بِالْهِنْدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَجَهَّزَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْهِنْدِ عَازِمًا عَلَى غَزْوِهَا، فَسَارَ إِلَيْهَا وَاخْتَرَقَهَا وَاسْتَبَاحَهَا وَنَكَّسَ أَصْنَامَهَا. فَلَمَّا رَأَى مَلِكُ الْهِنْدِ أَنَّهُ لَا قُوَّةَ لَهُ بِهِ رَاسَلَهُ فِي الصُّلْحِ وَالْهُدْنَةِ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ، وَخَمْسِينَ فِيلًا، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ فِي خِدْمَتِهِ أَلْفَا فَارِسٍ لَا يُزَالُونَ. فَقَبَضَ مِنْهُ مَا بَذَلَهُ وَعَادَ عَنْهُ إِلَى غَزْنَةَ.
ذِكْرُ الْخُلْفِ بَيْنَ بَدْرِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ وَابْنِهِ هِلَالٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ بَدْرِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ الْكُرْدِيِّ وَبَيْنَ ابْنِهِ هِلَالٍ.
وَكَانَ سَبَبُ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّ أُمَّ هِلَالٍ كَانَتْ مِنَ الشَّاذَنْجَانَ، فَاعْتَزَلَهَا أَبُوهُ عِنْدَ وِلَادَتِهِ، فَنَشَأَ هِلَالٌ مُبْعَدًا مِنْهُ لَا يَمِيلُ إِلَيْهِ، وَكَانَتْ نِعْمَةُ بَدْرٍ لِابْنِهِ الْآخَرِ أَبِي عِيسَى.
فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ خَرَجَ هِلَالٌ مَعَ أَبِيهِ مُتَصَيِّدًا، فَرَأَيَا سَبُعًا، وَكَانَ بَدْرٌ إِذَا رَأَى سَبُعًا قَتَلَهُ بِيَدِهِ، فَتَقَدَّمَ هِلَالٌ إِلَى الْأَسَدِ بِغَيْرِ إِذَنْ أَبِيهِ فَقَتَلَهُ، فَاغْتَاظَ أَبُوهُ وَقَالَ: كَأَنَّكَ قَدْ فَتَحْتَ فَتْحًا، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ السَّبُعِ وَالْكَلْبِ؟ وَرَأَى إِبْعَادَهُ عَنْهُ لِشِدَّتِهِ، فَأَقْطَعَهُ الصَّامَغَانَ، وَسَهَّلَ ذَلِكَ عَلَى هِلَالٍ لِيَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ عَنْ أَبِيهِ، فَأَوَّلُ مَا فَعَلَهُ أَنَّهُ أَسَاءَ مُجَاوَرَةَ ابْنِ الْمَاضِي صَاحِبِ شَهْرَزُورَ، وَكَانَ مُوَافِقًا لِأَبِيهِ بَدْرٍ، فَنَهَى بَدْرٌ ابْنَهُ هِلَالًا عَنْ مُعَارَضَتِهِ فَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الْمَاضِي يَتَهَدَّدُهُ، فَأَعَادَ بَدْرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute