عَبْسٍ وَجَدْتُ وُفُودَهُمْ فِي مَنْزِلِي. قَالَ حِصْنٌ: صَالِحُوا قَوْمَكُمْ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَدِي وَلَا أَتَّدِي، قَدْ قَتَلَ آبَائِي وَعُمُومَتِي عِشْرِينَ مِنْ عَبْسٍ، فَعَادَ إِلَى عَبْسٍ وَأَخْبَرَهُمْ بِقَوْلِ حِصْنٍ وَأَخَذَهُمْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ قَيْسٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ: نَحْنُ رُكْبَانُ الْمَوْتِ. قَالَ: بَلْ رُكْبَانُ السِّلْمِ، إِنْ تَكُونُوا اخْتَلَلْتُمْ إِلَى قَوْمِكُمْ فَقَدِ اخْتَلَّ قَوْمُكُمْ إِلَيْكُمْ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُمْ حَتَّى أَتَوْا سِنَانًا فَقَالَ لَهُ: قُمْ بِأَمْرِ عَشِيرَتِكَ وَأَصْلِحْ بَيْنَهُمْ فَإِنِّي سَأُعِينُكَ. فَفَعَلَ ذَلِكَ وَتَمَّ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ وَعَادَتْ عَبْسٌ.
وَقِيلَ: إِنَّ قَيْسَ بْنَ زُهَيْرٍ لَمْ يَسِرْ مَعَ عَبْسٍ إِلَى ذُبْيَانَ وَقَالَ: لَا تَرَانِي غَطَفَانِيَّةٌ أَبَدًا وَقَدْ قَتَلْتُ أَخَاهَا أَوْ زَوْجَهَا أَوْ وَلَدَهَا أَوِ ابْنَ عَمِّهَا، وَلَكِنِّي سَأَتُوبُ إِلَى رَبِّي، فَتَنَصَّرَ وَسَاحَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عُمَانَ فَتَرَهَّبَ بِهَا زَمَانًا، فَلَقِيَهُ حَوْجُ بْنُ مَالِكٍ الْعَبْدِيُّ فَعَرَفَهُ فَقَتَلَهُ، وَقَالَ لَا رَحِمَنِي اللَّهُ إِنْ رَحِمْتُكَ.
وَقِيلَ: إِنَّ قَيْسًا تَزَوَّجَ فِي النُّمَيْرِ بْنِ قَاسِطٍ لَمَّا عَادَتْ عَبْسٌ إِلَى ذُبْيَانَ، وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ فَضَالَةُ، فَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَقَدَ لَهُ عَلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانُوا تِسْعَةً وَهُوَ عَاشِرُهُمْ.
انْقَضَى حَرْبُ دَاحِسٍ وَالْغَبْرَاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
[يَوْمَ شِعْبِ جَبَلَةَ]
كَانَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ قَدْ عَزَمَ عَلَى غَزْوِ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ لِلْأَخْذِ بِثَأْرِ أَخِيهِ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَوْتَهُ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا. فَبَيْنَمَا هُوَ يَتَجَهَّزُ أَتَاهُ الْخَبَرُ بِحِلْفِ بَنِي عَبْسٍ وَبَنِي عَامِرٍ، فَلَمْ يَطْمَعْ فِي الْقَوْمِ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْسٍ ذَحْلٌ يَسْأَلُهُ الْحِلْفَ وَالتَّظَافُرَ عَلَى غَزْوِ عَبْسٍ وَعَامِرٍ. فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ أَسَدٌ وَغَطَفَانُ وَعَمْرُو بْنُ الْجَوْنِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ الْجَوْنِ وَاسْتَوْثَقُوا وَاسْتَكْثَرُوا وَسَارُوا، فَعَقَدَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْجَوْنِ الْأَلْوِيَةَ، فَكَانَ بَنُو أَسَدٍ وَبَنُو فَزَارَةَ بِلِوَاءٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْجَوْنِ، وَعَقَدَ لِعَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ مَعَ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ وَعَقَدَ لِلرِّبَابِ مَعَ حَسَّانَ بْنِ هَمَّامٍ، وَعَقَدَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ بُطُونِ تَمِيمٍ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute