[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٥٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ عِصْيَانِ مَلِكِ كَرْمَانَ عَلَى أَلْب أَرْسَلَانَ وَعَوْدِهِ إِلَى طَاعَتِهِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَصَى مَلِكُ كَرْمَانَ وَهُوَ قُرَا أَرْسَلَانَ عَلَى السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ وَزِيرٌ جَاهِلٌ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ الِاسْتِبْدَادَ بِالْبِلَادِ عَنِ السُّلْطَانِ، وَأَنَّ صَاحِبَهُ إِذَا عَصَى، احْتَاجَ إِلَى التَّمَسُّكِ بِهِ، فَحَسُنَ لِصَاحِبِهِ الْخِلَافُ عَلَى السُّلْطَانِ فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ، وَخَلَعَ الطَّاعَةَ، وَقَطَعَ الْخُطْبَةَ. فَسَمِعَ أَلْب أَرْسَلَانَ، فَسَارَ إِلَى كَرْمَانَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا وَقَعَتْ طَلِيعَتُهُ عَلَى طَلِيعَةِ قُرَا أَرْسَلَانَ بَعْدَ قِتَالٍ، فَلَمَّا سَمِعَ قُرَا أَرْسَلَانَ وَعَسْكَرُهُ بِانْهِزَامِ طَلِيعَتِهِمْ، خَافُوا وَتَحَيَّرُوا، فَانْهَزَمُوا لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى آخَرَ، فَدَخَلَ قُرَا أَرْسَلَانَ إِلَى جِيرَفْتَ وَامْتَنَعَ بِهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ يُظْهِرُ الطَّاعَةَ وَيَسْأَلُ الْعَفْوَ عَنْ زَلَّتِهِ، فَعَفَا عَنْهُ، وَحَضَرَ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَأَكْرَمَهُ، وَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ عِنْدَهُ، فَأَعَادَهُ إِلَى مَمْلَكَتِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَالِهِ، فَقَالَ لِلسُّلْطَانِ: إِنَّ لِي بَنَاتٍ تَجْهِيزُهُنَّ إِلَيْكَ، وَأُمُورُهُنَّ إِلَيْكَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ سِوَى الثِّيَابِ وَالْإِقْطَاعَاتِ.
ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى فَارِسَ فَوَصَلَ إِلَى إِصْطَخْرَ، وَفَتَحَ قَلْعَتَهَا، وَاسْتَنْزَلَ وَالِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute