فَحَمَلَ إِلَيْهِ الْوَالِي هَدَايَا عَظِيمَةً جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ، مِنْ جُمْلَتِهَا قَدَحُ فَيْرُوزَجَ، فِيهِ مَنَوَانِ مِنَ الْمِسْكِ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ اسْمُ جَمْشِيدَ الْمَلِكِ، وَأَطَاعَهُ جَمِيعُ حُصُونِ فَارِسَ، وَبَقِيَ قَلْعَتُهُ يُقَالُ لَهَا بَهَنْزَادَ، فَسَارَ نِظَامُ الْمُلْكِ إِلَيْهَا، وَحَصَرَهَا تَحْتَ جَبَلِهَا، وَأَعْطَى كُلَّ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ وَأَصَابَ قَبْضَةً مِنَ الدَّنَانِيرِ، وَمَنْ رَمَى حَجَرًا ثَوْبًا نَفِيسًا، فَفَتَحَ الْقَلْعَةَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ نُزُولِهِ، وَوَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَعَظُمَ مَحَلُّ نِظَامِ الْمُلْكِ عِنْدَهُ، فَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ، وَزَادَ فِي تَحْكِيمِهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.
فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا تُوُفِّيَ الْأَغَرُّ أَبُو سَعْدٍ، ضَامِنُ الْبَصْرَةِ، عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ بِالرَّيِّ، وَعُقِدَتِ الْبَصْرَةُ وَوَاسِطُ عَلَى هَزَارَسِبْ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا وَصَلَ إِلَى بَغْدَاذَ شَرَفُ الْمُلْكِ أَبُو سَعْدٍ الْمُسْتَوْفِي، وَبَنَى عَلَى مَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَدْرَسَةً لِأَصْحَابِهِ، وَكَتَبَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَيَاضِيِّ عَلَى الْقُبَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعِلْمَ كَانَ مُشَتَّتًا ... فَجَمَّعَهُ هَذَا الْمُغَيَّبُ فِي اللَّحْدِ
كَذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ مَيِّتَةً
،
فَأَنْشَرَهَا فَضْلُ الْعَمِيدِ أَبِي سَعْدِ
وَفِيهَا، فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَصَلَتْ أَرْسَلَانُ خَاتُونَ، أُخْتُ السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ، وَهِيَ زَوْجَةُ الْخَلِيفَةِ، إِلَى بَغْدَاذَ، وَاسْتَقْبَلَهَا فَخْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ الْوَزِيرُ عَلَى فَرَاسِخَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute