للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهَا، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، احْتَرَقَتْ تُرْبَةُ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَسَبَبُ حَرِيقِهَا أَنَّ قَيِّمَهَا كَانَ مَرِيضًا، فَطَبَخَ لِنَفْسِهِ مَاءَ الشَّعِيرِ، فَاتَّصَلَتِ النَّارُ بِخَشَبٍ وَبَوَارِي كَانَتْ هُنَاكَ، فَأَحْرَقَتْهُ وَاتَّصَلَ الْحَرِيقُ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ أَبَا سَعْدٍ الصُّوفِيَّ، شَيْخَ الشُّيُوخِ، بِعِمَارَتِهَا.

وَفِيهَا، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَرَغَتْ عِمَارَةُ الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ، وَتَقَرَّرَ التَّدْرِيسُ بِهَا لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ لِحُضُورِ الدَّرْسِ، وَانْتَظَرُوا مَجِيئَهُ، تَأَخَّرَ، فَطُلِبَ، فَلَمْ يُوجَدْ.

وَكَانَ سَبَبُ تَأَخُّرِهِ أَنَّهُ لَقِيَهُ صَبِيٌّ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تُدَرِّسُ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ؟ فَتَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ عَنِ التَّدْرِيسِ بِهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ، وَأُيِسَ مِنْ حُضُورِهِ، أَشَارَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ يُوسُفَ بِأَبِي نَصْرٍ الصَّبَّاغِ، صَاحِبِ كِتَابِ الشَّامِلِ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَصِلَ هَذَا الْجَمْعُ إِلَّا عَنْ مُدَرِّسٍ، وَلَمْ يَبْقَ بِبَغْدَاذَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرَ الْوَزِيرِ، فَجَلَسَ أَبُو نَصْرٍ لِلدَّرْسِ، وَظَهَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمَّا بَلَغَ نِظَامَ الْمُلْكِ الْخَبَرُ أَقَامَ الْقِيَامَةَ عَلَى الْعَمِيدِ أَبِي سَعْدٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَرْفُقُ بِالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ حَتَّى دَرَّسَ بِالْمَدْرَسَةِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ تَدْرِيسِ ابْنِ الصَّبَّاغِ عِشْرِينَ يَوْمًا. وَفِيهَا، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، قُتِلَ الصُّلَيْحِيُّ، أَمِيرُ الْيَمَنِ، بِمَدِينَةِ الْمَهْجَمِ، قَتَلَهُ أَحَدُ أُمَرَائِهَا وَأُقِيمَتِ الدَّعْوَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ هُنَاكَ، وَكَانَ قَدْ مَلَكَ مَكَّةَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَمِنَ الْحُجَّاجُ فِي أَيَّامِهِ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا، وَكَسَا الْبَيْتَ بِالْحَرِيرِ الْأَبْيَضِ الصِّينِيِّ، وَرَدَّ حُلِّيَ الْبَيْتِ إِلَيْهِ، وَكَانَ بَنُو حَسَنٍ قَدْ أَخَذُوهُ وَحَمَلُوهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَابْتَاعَهُ الصُّلَيْحِيُّ مِنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>