للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ]

٢٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ

ذكر فَتْحِ قُبْرُسَ

قِيلَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ كَانَ فَتْحُ قُبْرُسَ عَلَى يَدِ مُعَاوِيَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا غُزِيَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ لِأَنَّ أَهْلَهَا غَدَرُوا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، فَغَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ. وَلَمَّا غَزَاهَا مُعَاوِيَةُ هَذِهِ السَّنَةَ، غَزَا مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ أَبُو ذَرٍّ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ أُمُّ حَرَامٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ لَجَّ عَلَى عُمَرَ فِي غَزْوِ الْبَحْرِ وَقُرْبِ الرُّومِ مِنْ حِمْصَ، وَقَالَ: إِنَّ قَرْيَةً مِنْ قُرَى حِمْصَ لِيَسْمَعُ أَهْلُهَا نُبَاحَ كِلَابِهِمْ وَصِيَاحَ دَجَاجِهِمْ. فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: صِفْ لِي الْبَحْرَ وَرَاكِبَهُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنِّي رَأَيْتُ خَلْقًا كَبِيرًا يَرْكَبُهُ خَلْقٌ صَغِيرٌ، لَيْسَ إِلَّا السَّمَاءُ وَالْمَاءُ، إِنْ رَكَدَ خَرَقَ الْقُلُوبَ، وَإِنَّ تَحَرَّكَ أَزَاغَ الْعُقُولَ، يَزْدَادُ فِيهِ الْيَقِينُ قِلَّةً، وَالشَّكُّ كَثْرَةً، هُمْ فِيهِ كَدُودٍ عَلَى عُودٍ، إِنْ مَالَ غَرِقَ، وَإِنْ نَجَا بَرِقَ. فَلَمَّا قَرَأَهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِالْحَقِّ لَا أَحْمِلُ فِيهِ مُسْلِمًا أَبَدًا، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَحْرَ الشَّامِ يُشْرِفُ عَلَى أَطْوَلِ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَيَسْتَأْذِنُ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي أَنْ يُغْرِقَ الْأَرْضَ، فَكَيْفَ أَحْمِلُ الْجُنُودَ عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>