[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ]
١٠٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ الْوَقْعَةِ بَيْنَ الْحَرَشِيِّ وَالصُّغْدِ
قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا الْحَرَشِيُّ فَقَطَعَ النَّهْرَ، وَسَارَ، فَنَزَلَ فِي قَصْرِ الرِّيحِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنَ الدَّبُّوسِيَّةِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ إِلَيْهِ جُنْدُهُ، فَأَمَرَ بِالرَّحِيلِ، (فَقَالَ لَهُ هِلَالُ بْنُ عَلِيمٍ الْحَنْظَلِيُّ: يَا هَنَاهْ، إِنَّكَ وَزِيرًا خَيْرٌ مِنْكَ أَمِيرًا، لَمْ يَجْتَمِعْ إِلَيْكَ جُنْدُكَ وَقَدْ أَمَرْتَ بِالرَّحِيلِ) . فَعَادَ فَأَمَرَ بِالنُّزُولِ، وَأَتَاهُ ابْنُ عَمِّ مَلِكَ فَرْغَانَةَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الصُّغْدِ بِخُجَنْدَةَ، وَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِمْ، وَقَالَ: عَاجِلْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى الشِّعْبِ، فَلَيْسَ لَهُمْ جِوَارٌ عَلَيْنَا حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ. فَوَجَّهَ مَعَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيَّ، وَزِيَادَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَمَا فَصَلُوا، وَقَالَ: جَاءَنِي عِلْجٌ لَا أَعْلَمُ أَصَدَقَ أَمْ كَذِبَ، فَغَرَّرْتُ بِجُنْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَارْتَحَلَ فِي أَثَرِهِمْ حَتَّى نَزَلَ أَشْرُوسَنَةَ فَصَالَحَهُمْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ.
فَبَيْنَا هُوَ يَتَعَشَّى إِذْ قِيلَ لَهُ هَذَا عَطَاءٌ الدَّبُّوسِيُّ، وَكَانَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَسَقَطَتِ اللُّقْمَةُ مِنْ يَدِهِ، وَدَعَا بِعَطَاءٍ، فَقَالَ: وَيْلَكَ قَاتَلْتُمْ أَحَدًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لِلَّهِ الْحَمْدُ! وَتَعَشَّى وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَدِمَ لَهُ، فَسَارَ مُسْرِعًا حَتَّى لَحِقَ الْقُشَيْرِيَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَسَارَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى خُجَنْدَةَ، قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى الْمُعَاجَلَةَ. قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ، إِنْ جُرِحَ رَجُلٌ فَإِلَى أَيْنَ يَرْجِعُ، أَوْ قُتِلَ قَتِيلٌ فَإِلَى مَنْ يُحْمَلْ؟ وَلَكِنِّي أَرَى النُّزُولَ وَالتَّأَنِّي وَالِاسْتِعْدَادَ لِلْحَرْبِ. فَنَزَلَ فَأَخَذَ فِي التَّأَهُّبِ، فَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنَ الْعَدُوِّ، فَجَبَّنَ النَّاسُ الْحُرَشِيَّ وَقَالُوا: كَانَ يُذْكَرُ بِشَجَاعَةٍ وَدِيَانَةٍ، فَلَمَّا صَارَ بِخُرَاسَانَ مَاقَ. فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَضَرَبَ بَابَ خُجَنْدَةَ بِعَمُودٍ فَفَتَحَ الْبَابَ، وَكَانُوا حَفَرُوا فِي رِبْضِهِمْ وَرَاءَ الْبَابِ الْخَارِجِ خَنْدَقًا وَغَطَّوْهُ بِقَصَبٍ وَتُرَابٍ مَكِيدَةً، وَأَرَادُوا إِذَا الْتَقَوْا إِنِ انْهَزَمُوا كَانُوا قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute