[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٦٨ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ مِلْكِ أَقْسِيسْ دِمَشْقَ.
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] مِلْكَ أَقْسِيسَ الرَّمْلَةَ، وَالْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ، وَحَصْرَهُ مَدِينَةَ دِمَشْقَ، فَلَمَّا عَادَ عَنْهَا جَعَلَ يَقْصِدُ أَعْمَالَهَا كُلَّ سَنَةٍ عِنْدَ إِدْرَاكِ الْغَلَّاتِ فَيَأْخُذُهَا، فَيَقْوَى هُوَ وَعَسْكَرُهُ، وَيَضْعُفُ أَهْلُ دِمَشْقَ وَجُنْدُهَا، فَلَمَّا كَانَ رَمَضَانُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ سَارَ إِلَى دِمَشْقَ فَحَصَرَهَا. وَأَمِيرُهَا الْمُعَلَّى بْنُ حَيْدَرَةَ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْصِرِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفَ عَنْهَا فِي شَوَّالٍ، فَهَرَبَ أَمِيرُهَا الْمُعَلَّى فِي ذِي الْحِجَّةِ.
وَكَانَ سَبَبُ هَرَبِهِ أَنَّهُ أَسَاءَ السِّيرَةَ مَعَ الْجُنْدِ وَالرَّعِيَّةِ وَظَلَمَهُمْ، فَكَثُرَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ، وَثَارَ بِهِ الْعَسْكَرُ، وَأَعَانَهُمُ الْعَامَّةُ، فَهَرَبَ مِنْهَا إِلَى بَانْيَاسَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى صُورَ، ثُمَّ أُخِذَ إِلَى مِصْرَ فَحُبِسَ بِهَا، فَمَاتَ مَحْبُوسًا.
فَلَمَّا هَرَبَ مِنْ دِمَشْقَ اجْتَمَعَتِ الْمَصَامِدَةُ، وَوَلَّوْا عَلَيْهِمُ انْتِصَارَ بْنَ يَحْيَى الْمَصْمُودِيَّ، الْمَعْرُوفُ بِرَزِينِ الدَّوْلَةِ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِهَا حَتَّى أَكَلَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا.
وَوَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ الْمَصَامِدَةِ وَأَحْدَاثِ الْبَلَدِ، وَعَرَفَ أَقْسِيسْ ذَلِكَ، فَعَادَ إِلَى دِمَشْقَ، فَنَزَلَ عَلَيْهَا فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَحَصَرَهَا، فَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ، فَبِيعَتِ الْغِرَارَةُ، إِذَا وُجِدَتْ، بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَسَلَّمُوهَا إِلَيْهِ بِأَمَانٍ، (وَعُوِّضَ انْتِصَارٌ عَنْهَا بِقَلْعَةِ بَانْيَاسَ، وَمَدِينَةِ يَافَا مِنَ السَّاحِلِ) ، وَدَخَلَهَا هُوَ وَعَسْكَرُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute