للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٥٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ مُلْكِ الْمُعِزِّ الْعَلَوِيِّ مِصْرَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ الْمُعِزُّ لِدِينِ اللَّهِ أَبُو تَمِيمٍ مَعْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَنْصُورَ بِاللَّهِ الْقَائِدَ أَبَا الْحَسَنِ جَوْهَرًا، غُلَامَ وَالِدِهِ الْمَنْصُورِ، وَهُوَ رُومِيٌّ، فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ كَافُورٌ الْإِخْشِيدِيُّ، صَاحِبُ مِصْرَ، اخْتَلَفَتِ الْقُلُوبُ فِيهَا، وَوَقَعَ بِهَا غَلَاءٌ شَدِيدٌ، حَتَّى بَلَغَ الْخُبْزُ كُلُّ رِطْلٍ بِدِرْهَمَيْنِ، وَالْحِنْطَةُ كُلُّ وَيْبَةٍ بِدِينَارٍ وَسُدْسٍ مِصْرِيٍّ، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ إِلَى الْمُعِزِّ، وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، سَيَّرَ جَوْهَرًا إِلَيْهَا، فَلَمَّا اتَّصَلَ خَبَرُ مَسِيرِهِ إِلَى الْعَسَاكِرِ الْإِخْشِيدِيَّةِ بِمِصْرَ هَرَبُوا عَنْهَا جَمِيعُهُمْ قَبْلَ وُصُولِهِ.

ثُمَّ إِنَّهُ قَدِمَهَا سَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ، وَأُقِيمَتِ الدَّعْوَةُ لِلْمُعِزِّ بِمِصْرَ فِي الْجَامِعِ الْعَتِيقِ فِي شَوَّالٍ، وَكَانَ الْخَطِيبُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحُسَيْنِ الشِّمْشَاطِيَّ.

وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنَ سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] سَارَ جَوْهَرٌ إِلَى جَامِعِ ابْنِ طُولُونَ، وَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ بِحَيِّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَا أُذِّنَ بِمِصْرَ ثُمَّ أُذِّنَ بَعْدَهُ فِي الْجَامِعِ الْعَتِيقِ، وَجَهَرَ فِي الصَّلَاةِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَمَّا اسْتَقَرَّ جَوْهَرٌ بِمِصْرَ شَرَعَ فِي بِنَاءِ الْقَاهِرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>