[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَة]
٥٩٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ وَمُلْكِ أَخِيهِ الْأَفْضَلِ دِيَارَ مِصْرَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ عُثْمَانُ بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنَ أَيُّوبَ، صَاحِبُ دِيَارِ مِصْرَ، وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الصَّيْدِ، فَوَصَلَ إِلَى الْفَيُّومِ مُتَصَيِّدًا. فَرَأَى ذِئْبًا، فَرَكَضَ فَرَسُهُ فِي طَلَبِهِ، فَعَثَرَ الْفَرَسُ فَسَقَطَ عَنْهُ فِي الْأَرْضِ وَلَحِقَتْهُ حُمَّى، فَعَادَ إِلَى الْقَاهِرَةِ مَرِيضًا، فَبَقِيَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَمْرِهِ مَمْلُوكُ وَالِدِهِ فَخْرُ الدِّينِ جَهَارْكَسُ، وَهُوَ الْحَاكِمُ فِي بَلَدِهِ، فَأَحْضَرَ إِنْسَانًا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، وَأَرَاهُ الْعَزِيزَ مَيِّتًا. وَسَيَّرَهُ إِلَى الْعَادِلِ وَهُوَ يُحَاصِرُ مَارْدِينَ - كَمَا ذَكَرْنَاهُ - وَيَسْتَدْعِيهِ لِيُمَلِّكَهُ الْبِلَادَ، فَسَارَ الْقَاصِدُ مُجِدًّا، فَلَمَّا كَانَ بِالشَّامِ رَأَى بَعْضَ أَصْحَابِ الْأَفْضَلِ عَلِيِّ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ لِصَاحِبِكَ إِنَّ أَخَاهُ الْعَزِيزَ تُوُفِّيَ، وَلَيْسَ فِي الْبِلَادِ مَنْ يَمْنَعُهَا، فَلْيَسِرْ إِلَيْهَا فَلَيْسَ دُونَهَا مَانِعٌ.
وَكَانَ الْأَفْضَلُ مَحْبُوبًا إِلَى النَّاسِ يُرِيدُونَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتِ الْأَفْضَلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِذَا قَدْ وَصَلَهُ رُسُلُ الْأُمَرَاءِ مِنْ مِصْرَ يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ لِيُمَلِّكُوهُ، وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ يَازْكَجَ - مُقَدَّمَ الْأَسَدِيَّةِ، وَالْفِرْقَةَ الْأَسَدِيَّةَ وَالْأُمَرَاءَ الْأَكْرَادَ يُرِيدُونَهُ وَيَمِيلُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ الْمَمَالِيكُ النَّاصِرِيَّةُ الَّذِينَ هُمْ مِلْكُ أَبِيهِ يَكْرَهُونَهُ، فَاجْتَمَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute