[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٠٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ أَمْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ بِالْجَزِيرَةِ عَنْ طَاعَةِ الْمُقْتَدِرِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَزِيرَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى طَالَبَهُ بِمَالٍ عَلَيْهِ مِنْ دِيَارِ رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَتَوَلَّاهَا، فَدَافَعَهُ، فَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الْبِلَادِ إِلَى عُمَّالِ السُّلْطَانِ، فَامْتَنَعَ.
وَكَانَ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ غَائِبًا بِمِصْرَ لِمُحَارَبَةِ عَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ الْعَلَوِيِّ، صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَجَهَّزَ الْوَزِيرُ رَائِقًا الْكَبِيرَ فِي جَيْشٍ وَسَيَّرَهُ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ. وَكَتَبَ إِلَى مُؤْنِسٍ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى دِيَارِ الْجَزِيرَةِ لِقِتَالِ الْحُسَيْنِ، بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْعَلَوِيِّ، فَسَارَ رَائِقٌ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ.
(وَجَمَعَ لَهُمُ الْحُسَيْنُ نَحْوَ عِشْرِينَ) أَلْفَ فَارِسٍ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ فَوَصَلَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ قَدْ قَارَبُوهَا، فَلَمَّا رَأَوْا كَثْرَةَ جَيْشِهِ عَلِمُوا عَجْزَهُمْ عَنْهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ، فَانْحَازُوا إِلَى جَانِبِ دِجْلَةَ، وَنَزَلُوا بِمَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَجَاءَ الْحُسَيْنُ فَنَزَلَ عَلَيْهِمْ وَحَصَرَهُمْ، وَمَنَعَ الْمِيرَةَ عَنْهُمْ مِنْ فَوْقٍ وَمِنْ أَسْفَلَ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَقْوَاتُ وَالْعُلُوفَاتُ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَبْذُلُونَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْخَلِيفَةُ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَيَعُودَ عَنْهُمْ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ وَلَزِمَ حِصَارَهُمْ، وَأَدَامَ قِتَالَهُمْ إِلَى أَنْ عَادَ مُؤْنِسٌ مِنَ الشَّامِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْعَسْكَرُ بِقُرْبِهِ قَوِيَتْ نُفُوسُهُمْ وَضَعُفَتْ نُفُوسُ الْحُسَيْنِ وَمَنْ مَعَهُ، فَخَرَجَ الْعَسْكَرُ إِلَيْهِ لَيْلًا وَكَبَسُوهُ، فَانْهَزَمَ وَعَادَ إِلَى دِيَارِ رَبِيعَةَ، وَسَارَ الْعَسْكَرُ فَنَزَلُوا عَلَى الْمَوْصِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute