أَبِي مُعَيْطٍ بِرِدَائِهِ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ دُونَهُ يَقُولُ وَهُوَ يَبْكِي: وَيْلَكُمُ! (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ) ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ» . هَذَا أَشَدُّ مَا بُلِّغْتُ عَنْهُ.
[ذِكْرُ إِرْسَالِ قُرَيْشٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِي طَلَبِ الْمُهَاجِرِينَ]
لَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ قَدِ اطْمَأَنُّوا بِالْحَبَشَةِ وَأَمِنُوا، وَأَنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ أَحْسَنَ صُحْبَتَهُمُ، ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَمَعَهُمَا هَدِيَّةٌ إِلَيْهِ وَإِلَى أَعْيَانِ أَصْحَابِهِ، فَسَارَا حَتَّى وَصَلَا الْحَبَشَةَ، فَحَمَلَا إِلَى النَّجَاشِيِّ هَدِيَّتَهُ وَإِلَى أَصْحَابِهِ هَدَايَاهُمْ وَقَالَا لَهُمْ: إِنَّ نَاسًا مِنْ سُفَهَائِنَا فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ الْمَلِكِ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ، وَقَدْ أَرْسَلَنَا أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ إِلَى الْمَلِكِ لِيَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُرْسِلَهُمْ مَعَنَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، وَخَافَا أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُمْ. فَوَعَدَهُمَا أَصْحَابُ النَّجَاشِيِّ الْمُسَاعَدَةَ عَلَى مَا يُرِيدَانِ. ثُمَّ إِنَّهُمَا حَضَرَا عِنْدَ النَّجَاشِيِّ فَأَعْلَمَاهُ مَا قَدْ قَالَاهُ، فَأَشَارَ أَصْحَابُهُ بِتَسْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمَا. فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُ قَوْمًا جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي، وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ، حَتَّى أَدْعُوَهُمْ وَأَسْأَلَهُمْ عَمَّا يَقُولُ هَذَانِ، فَإِنْ كَانَا صَادِقَيْنِ سَلَّمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ مَا يَذْكُرُ هَذَانِ مَنَعْتُهُمْ وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ.
ثُمَّ أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُمْ فَحَضَرُوا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا سَاءَهُ وَسَرَّهُ، وَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute