[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
(٥٣٧)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ أَتَابَكْ زَنْكِي قَلْعَةَ آشِبَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْهَكَّارِيَّةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ أَتَابَكْ زَنْكِي جَيْشًا إِلَى قَلْعَةِ آشِبَ، وَكَانَتْ أَعْظَمَ حُصُونِ الْأَكْرَادِ الْهَكَّارِيَّةِ وَأَمْنَعَهَا، وَبِهَا أَمْوَالُهُمْ وَأَهْلُهُمْ، فَحَصَرُوهَا وَضَيَّقُوا عَلَى مَنْ بِهَا فَمَلَكُوهَا، فَأَمَرَ بِإِخْرَابِهَا وَبِنَاءِ الْقَلْعَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْعِمَادِيَّةِ عِوَضًا عَنْهَا، وَكَانَتْ هَذِهِ الْعِمَادِيَّةُ حِصْنًا عَظِيمًا مِنْ حُصُونِهِمْ، فَخَرَّبُوهُ لِكِبَرِهِ لِأَنَّهُ كَبِيرٌ جِدًّا، وَكَانُوا يَعْجِزُونَ عَنْ حِفْظِهِ، فَخُرِّبَتِ الْآنَ آشِبَ، وَعُمِّرَتِ الْعِمَادِيَّةُ، وَإِنَّمَا سَمِّيَتِ الْعِمَادِيَّةَ نِسْبَةً إِلَى لَقَبِهِ، وَكَانَ نَصِيرُ الدِّينِ جَقَرُ نَائِبُهُ بِالْمَوْصِلِ قَدْ فَتَحَ أَكْثَرَ الْقِلَاعِ الْجَبَلِيَّةِ.
ذِكْرُ حَصْرِ الْفِرِنْجِ طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَتْ مَرَاكِبُ الْفِرِنْجِ مِنْ صِقِلِّيَةَ إِلَى طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ فَحَصَرُوهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَهَا فِي أَيَّامِ الْأَمِيرِ الْحَسَنِ صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ، لَمْ يُدْخِلُوا يَدًا فِي طَاعَتِهِ، وَلَمْ يَزَالُوا مُخَالِفِينَ مُشَاقِّينَ لَهُ، قَدْ قَدَّمُوا عَلَيْهِمْ مِنْ بَنِي مَطْرُوحٍ مَشَايِخَ يُدَبِّرُونَ أَمْرَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ مَلِكُ صِقِلِّيَةَ كَذَلِكَ جَهَّزَ إِلَيْهِمْ فِي الْبَحْرِ، فَوَصَلُوا إِلَيْهِمْ تَاسِعَ ذِي الْحِجَّةِ، فَنَازَلُوا الْبَلَدَ وَقَاتَلُوهُ، وَعَلَّقُوا الْكَلَالِيبَ فِي سُورِهِ، وَنَقَبُوهُ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَصَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ نَجْدَةً لِأَهْلِ الْبَلَدِ، فَقَوِيَ أَهْلُ طَرَابُلُسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute