للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَة]

١٤٢ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

ذِكْرُ خَلْعِ عُيَيْنَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ عُيَيْنَةُ بْنُ مُوسَى بِالسِّنْدِ، وَكَانَ عَامِلًا عَلَيْهَا.

وَسَبَبُ خَلْعِهِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ اسْتَخْلَفَ الْمُسَيَّبَ بْنَ زُهَيْرٍ عَلَى الشُّرَطِ، فَلَمَّا مَاتَ مُوسَى أَقَامَ الْمُسَيَّبُ عَلَى مَا كَانَ يَلِي مِنَ الشُّرَطِ، وَخَافَ أَنْ يُحْضِرَ الْمَنْصُورُ عُيَيْنَةَ فَيُوَلِّيَهُ مَا كَانَ إِلَى أَبِيهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِبَيْتِ شِعْرٍ، وَلَمْ يَنْسُبِ الْكِتَابَ إِلَى نَفْسِهِ:

فَأَرْضَكَ أَرْضَكَ إِنْ تَأْتِنَا تَنَمْ نَوْمَةً لَيْسَ فِيهَا حُلُمْ

فَخَلَعَ الطَّاعَةَ.

فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَنْصُورِ سَارَ بِعَسْكَرِهِ حَتَّى نَزَلَ عَلَى جِسْرِ الْبَصْرَةِ، وَوَجَّهَ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الْعَتَكِيَّ عَامِلًا عَلَى السِّنْدِ وَالْهِنْدِ، فَحَارَبَهُ عُيَيْنَةُ، فَسَارَ حَتَّى وَرَدَ السِّنْدَ فَغَلَبَ عَلَيْهَا.

ذِكْرُ نَكْثِ الْأَصْبَهْبَذِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ نَكَثَ الْأَصْبَهْبَذُ بِطَبَرِسْتَانَ الْعَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلَ مَنْ كَانَ بِبِلَادِهِ مِنْهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى الْمَنْصُورِ سَيَّرَ مَوْلَاهُ أَبَا الْخَصِيبِ، وَخَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ، وَرَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ، فَأَقَامُوا عَلَى الْحِصْنِ يُحَاصِرُونَهُ وَهُوَ فِيهِ.

فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْمُقَامُ احْتَالَ أَبُو الْخَصِيبِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اضْرِبُونِي وَاحْلِقُوا رَأْسِي وَلِحْيَتِي. فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ. وَلَحِقَ بِالْأَصْبَهْبَذِ فَقَالَ لَهُ: فُعِلَ بِي هَذَا تُهْمَةً مِنْهُمْ لِي أَنْ يَكُونَ هَوَايَ مَعَكَ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى عَوْرَةِ عَسْكَرِهِمْ. فَقَبِلَ ذَلِكَ الْأَصْبَهْبَذُ، وَجَعَلَهُ فِي خَاصَّتِهِ وَأَلْطَفَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>