[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ] [ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ الْقَادِسِيَّةِ]
١٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ الْقَادِسِيَّةِ
لَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى عُمَرَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى نَزَلَ عَلَى مَاءٍ يُدْعَى صِرَارًا، فَعَسْكَرَ بِهِ، وَلَا يَدْرِي النَّاسُ مَا يُرِيدُ أَيَسِيرُ أَمْ يُقِيمُ، وَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ رَمَوْهُ بِعُثْمَانَ أَوْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ هَذَانِ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ مِمَّا يُرِيدُ ثَلَّثُوا بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَسَأَلَهُ عُثْمَانُ عَنْ سَبَبِ حَرَكَتِهِ، فَأَحْضَرَ النَّاسَ فَأَعْلَمَهُمُ الْخَبَرَ وَاسْتَشَارَهُمْ فِي الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَقَالَ الْعَامَّةُ: سِرْ وَسِرْ بِنَا مَعَكَ. فَدَخَلَ مَعَهُمْ فِي رَأْيِهِمْ وَقَالَ: اغْدُوا وَاسْتَعِدُّوا، فَإِنِّي سَائِرٌ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ رَأْيٌ هُوَ أَمْثَلُ مِنْ هَذَا. ثُمَّ جَمَعَ وُجُوهَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ، وَكَانَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَاهُ، وَإِلَى طَلْحَةَ، وَكَانَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، وَإِلَى الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَا عَلَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، فَحَضَرَا، ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ فَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرْمِيهِ بِالْجُنُودِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَشْتَهِي فَهُوَ الْفَتْحُ، وَإِلَّا أَعَادَ رَجُلًا وَبَعَثَ آخَرَ، فَفِي ذَلِكَ غَيْظُ الْعَدُوِّ
فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ وَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي كُنْتُ عَزَمْتُ عَلَى الْمَسِيرِ حَتَّى صَرَفَنِي ذَوُو الرَّأْيِ مِنْكُمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُقِيمَ وَأَبْعَثَ رَجُلًا، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِرَجُلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute