[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَة]
٦٠٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِهَرَاةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، ثَارَ الْعَامَّةُ بِهَرَاةَ، وَجَرَتْ فِيهِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّوقَيْنِ: الْحَدَّادِينَ وَالصَّفَّارِينَ، قُتِلَ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَنُهِبَتِ الْأَمْوَالُ وَخُرِّبَتِ الدِّيَارُ، فَخَرَجَ أَمِيرُ الْبَلَدِ لِيَكُفَّهُمْ، فَضَرَبَهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ بِحَجَرٍ نَالَهُ مِنْهُ أَلَمٌ شَدِيدٌ، وَاجْتَمَعَ الْغَوْغَاءُ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ إِلَى الْقَصْرِ الْفَيْرُوزِيِّ، وَاخْتَفَى أَيَّامًا إِلَى أَنْ سَكَنَتِ الْفِتْنَةُ ثُمَّ ظَهَرَ.
ذِكْرُ قِتَالِ شِهَابِ الدِّينِ الْغُورِيِّ بَنِي كَوْكَرَ
قَدْ ذَكَرْنَا انْهِزَامَ شِهَابِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ سَامَ الْغُورِيِّ صَاحِبِ غَزْنَةَ مِنَ الْخَطَا الْكُفَّارِ، وَأَنَّ الْخَبَرَ ظَهَرَ بِبِلَادِهِ وَأَنَّهُ عُدِمَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يَقِفْ أَصْحَابُهُ لَهُ عَلَى خَبَرٍ، فَلَمَّا اشْتُهِرَ هَذَا الْخَبَرُ ثَارَ الْمُفْسِدُونَ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ، وَكَانَ مِمَّنْ أَفْسَدَ دَانْيَالُ، صَاحِبُ جَبَلِ الْجُودِيِّ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَتَابَعَ بَنِي كَوْكَرَ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْخَارِجِينَ عَلَيْهِ بَنُو كَوْكَرَ، وَمَسَاكِنُهُمْ فِي جِبَالٍ بَيْنَ لَهَاوُورَ وَالْمُولِتَانِ حَصِينَةٌ مَنِيعَةٌ، وَكَانُوا قَدْ أَطَاعُوا شِهَابَ الدِّينِ، وَحَمَلُوا لَهُ الْخَرَاجَ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ خَبَرُ عُدْمِهِ ثَارُوا فِيمَنْ مَعَهُمْ مِنْ قَبَائِلِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَأَطَاعَهُمْ صَاحِبُ جَبَلِ الْجُودِيِّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقَاطِنِينَ بِتِلْكَ الْجِبَالِ، وَمَنَعُوا الطَّرِيقَ مِنْ لَهَاوُورَ وَغَيْرِهَا إِلَى غَزْنَةَ.
فَلَمَّا فَرَغَ شِهَابُ الدِّينِ مِنْ قَتْلِ مَمْلُوكِهِ أَيْبَكَ بَاكَ - وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ - أَرْسَلَ إِلَى نَائِبِهِ بِلَهَاوُورَ وَالْمُولِتَانِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ يَأْمُرُهُ بِحَمْلِ الْمَالِ لِسَنَةِ سِتِّمِائَةٍ، وَسَنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute