للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذِكْرُ مُلْكِ طَهْمُورُثَ]

زَعَمَتِ الْفُرْسُ أَنَّهُ مَلَكَ بَعْدَ مَوْتِ أُوشْهَنْجَ طَهْمُورُثُ بْنُ وَيُونْجَهَانَ، يَعْنِي خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ، ابْنُ حَبَايِدَادَ بْنِ أُوشْهَنْجَ، وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَزَعَمَ الْفُرْسُ أَيْضًا أَنَّهُ مَلَكَ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ وَعَقَدَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا، وَكَانَ مَحْمُودًا فِي مُلْكِهِ مُشْفِقًا عَلَى رَعِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ ابْتَنَى سَابُورَ مِنْ فَارِسَ وَنَزَلَهَا وَتَنَقَّلَ فِي الْبُلْدَانِ، وَأَنَّهُ وَثَبَ بِإِبْلِيسَ حَتَّى رَكِبَهُ فَطَافَ عَلَيْهِ فِي أَدَانِي الْأَرْضِ، وَأَقَاصِيهَا، وَأَفْزَعَهُ وَمَرَدَتَهُ حَتَّى تَفَرَّقُوا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الصُّوفَ، وَالشَّعَرَ لِلُّبْسِ، وَالْفَرْشِ وَأَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ زِينَةَ الْمُلُوكِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، وَأَمَرَ بِاتِّخَاذِ الْكِلَابِ فَحَفِظَ الْمَوَاشِيَ وَغَيْرَهَا، وَأَخَذَ الْجَوَارِحَ لِلصَّيْدِ، وَكَتَبَ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَأَنَّ بِيَوْرَاسِبَ ظَهَرَ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِنْ مُلْكِهِ وَدَعَا إِلَى مِلَّةِ الصَّابِئِينَ.

كَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ رَكِبَ إِبْلِيسَ وَطَافَ عَلَيْهِ، وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا نَحْنُ نَقَلْنَا مَا قَالُوهُ.

قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: أَوَّلُ مُلُوكِ الْأَرْضِ مِنْ بَابِلَ طَهْمُورُثُ، وَكَانَ لِلَّهِ مُطِيعًا، وَكَانَ مُلْكُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَفِي أَيَّامِهِ عُبِدَتِ الْأَصْنَامُ، وَأَوَّلُ مَا عُرِفَ الصَّوْمُ فِي مُلْكِهِ. وَسَبَبُهُ أَنَّ قَوْمًا فُقَرَاءَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمُ الْقُوتُ فَأَمْسَكُوا نَهَارًا، وَأَكَلُوا لَيْلًا مَا يُمْسِكُ رَمَقَهُمْ، ثُمَّ اعْتَقَدُوهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ وَجَاءَتِ الشَّرَائِعُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>