[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٤٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَلَى الْمَوْصِلِ وَعَوْدِهِ عَنْهَا
قَدْ ذَكَرْنَا صُلْحَ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ مَعَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ كُلَّ سَنَةٍ، فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّنَةُ، أَخَّرَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ حَمْلَ الْمَالِ، فَتَجَهَّزَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى الْمَوْصِلِ وَسَارَ نَحْوَهَا مُنْتَصَفَ جُمَادَى الْأُولَى، وَمَعَهُ وَزِيرُهُ الْمُهَلَّبِيُّ، فَفَارَقَهَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ إِلَى نَصِيبِينَ، وَاسْتَوْلَى مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَلَى الْمَوْصِلِ.
فَكَانَ مِنْ عَادَةِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ إِذَا قَصَدَهُ أَحَدٌ، سَارَ عَنِ الْمَوْصِلِ وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ جَمِيعَ الْكُتَّابِ، وَالْوُكَلَاءِ، وَمَنْ يَعْرِفُ أَبْوَابَ الْمَالِ، وَمَنَافِعَ السُّلْطَانِ، وَرُبَّمَا جَعَلَهُمْ فِي قِلَاعِهِ كَقَلْعَةِ كُوَاشَى، وَالزَّعْفَرَانِ، وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَتْ قَلْعَةُ كُوَاشَى تُسَمَّى ذَلِكَ الْوَقْتَ قَلْعَةُ أَرْدُمُشْتَ، وَكَانَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ يَأْمُرُ الْعَرَبَ بِالْإِغَارَةِ عَلَى الْعَلَّافَةِ وَمَنْ يَحْمِلُ الْمِيرَةَ، فَكَانَ الَّذِي يَقْصِدُ بِلَادَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ يَبْقَى مَحْصُورًا مُضَيَّقًا عَلَيْهِ.
فَلَمَّا قَصَدَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ هَذِهِ الْمَرَّةِ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، فَضَاقَتِ الْأَقْوَاتُ عَلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ وَعَسْكَرِهِ، وَبَلَغَهُ أَنَّ بِنَصِيبِينَ مِنَ الْغَلَّاتِ السُّلْطَانِيَّةِ شَيْئًا كَثِيرًا، فَسَارَ عَنِ الْمَوْصِلِ نَحْوَهَا، وَاسْتَخْلَفَ بِالْمَوْصِلِ سُبُكْتِكِينَ الْحَاجِبَ الْكَبِيرَ، فَلَمَّا تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ، بَلَغَهُ أَنَّ أَوْلَادَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ أَبَا الْمُرَجَّى وَهِبَةَ اللَّهِ بِسِنْجَارَ فِي عَسْكَرٍ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا، فَلَمْ يَشْعُرْ أَوْلَادُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بِالْعَسْكَرِ إِلَّا وَهُوَ مَعَهُمْ، فَعُجِّلُوا عَنْ أَخْذِ أَثْقَالِهِمْ، فَعَادَ أَوْلَادُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ إِلَيْهِمْ وَهُمْ غَارُّونَ، فَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيهِمْ فَقَتَلُوا، وَأَسَرُوا، وَأَقَامُوا بِسِنْجَارَ.
وَسَارَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى نَصِيبِينَ، فَفَارَقَهَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ، فَفَارَقَهُ أَصْحَابُهُ وَعَادُوا إِلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ مُسْتَأْمِنِينَ، فَلَمَّا رَأَى نَاصِرُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ سَارَ إِلَى أَخِيهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute