This website shamela.ws/book/21712/5102 is currently offline. Cloudflare's Always Online™ shows a snapshot of this web page from the Internet Archive's Wayback Machine. To check for the live version, click Refresh.
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥٠٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ مُلْكِ الْفِرِنْجِ طَرَابُلُسَ وَبَيْرُوتَ مِنَ الشَّامِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، حَادِيَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، مَلَكَ الْفِرِنْجُ طَرَابُلُسَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ طَرَابُلُسَ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي حُكْمِ صَاحِبِ مِصْرَ وَنَائِبِهِ فِيهَا، وَالْمَدَدُ يَأْتِي إِلَيْهَا مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِمِائَةٍ.
فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ، أَوَّلَ شَعْبَانَ، وَصَلَ أُسْطُولٌ كَبِيرٌ مِنْ بَلَدِ الْفِرِنْجِ فِي الْبَحْرِ، وَمُقَدَّمُهُمْ قُمُّصٌ كَبِيرٌ اسْمُهُ رِيمُنْدَ بْنُ صَنْجِيلَ وَمَرَاكِبُهُ مَشْحُونَةٌ بِالرِّجَالِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْمِيرَةِ، فَنَزَلَ عَلَى طَرَابُلُسَ، وَكَانَ نَازِلًا عَلَيْهَا قَبْلَهُ السُّرْدَانِيُّ ابْنُ أُخْتِ صَنْجِيلَ، وَلَيْسَ بِابْنِ أُخْتِ رِيمُنْدَ هَذَا، بَلْ هُوَ قُمُّصٌ آخَرُ، فَجَرَى بَيْنَهُمَا فِتْنَةٌ أَدَّتْ إِلَى الشَّرِّ وَالْقِتَالِ، فَوَصَلَ طَنْكَرِي صَاحِبُ أَنْطَاكِيَةَ إِلَيْهَا، مَعُونَةً لِلسُّرْدَانِيِّ، وَوَصَلَ الْمَلِكُ بَغْدُوِينُ، صَاحِبُ الْقُدْسِ، فِي عَسْكَرِهِ، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَنَزَلَ الْفِرِنْجُ جَمِيعُهُمْ عَلَى طَرَابُلُسَ، وَشَرَعُوا فِي قِتَالِهَا، وَمُضَايَقَةِ أَهْلِهَا، مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ، وَأَلْصَقُوا أَبْرَاجَهُمْ بِسُورِهَا، فَلَمَّا رَأَى الْجُنْدُ وَأَهْلُ الْبَلَدِ ذَلِكَ سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَذَلَّتْ نُفُوسُهُمْ، وَزَادَهُمْ ضَعْفًا تَأَخُّرُ الْأُسْطُولِ الْمِصْرِيِّ عَنْهُمْ بِالْمِيرَةِ وَالنَّجْدَةِ.
وَكَانَ سَبَبُ تَأَخُّرِهِ: أَنَّهُ فُرِّغَ مِنْهُ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَسَارَ، فَرَدَّتْهُ الرِّيحُ، فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمُ الْوُصُولُ إِلَى طَرَابُلُسَ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا.
وَمَدَّ الْفِرِنْجُ الْقِتَالَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَبْرَاجِ وَالزَّحْفِ، فَهَجَمُوا عَلَى الْبَلَدِ وَمَلَكُوهُ عَنْوَةً وَقَهْرًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنَ السَّنَةِ، وَنَهَبُوا مَا فِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute