[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَة]
٤٩٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ عِصْيَانِ الْأَمِيرِ أُنَرَ وَقَتْلِهِ
لَمَّا سَارَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ إِلَى خُرَاسَانَ وَلَّى الْأَمِيرَ أُنَرَ بِلَادَ فَارِسَ جَمِيعَهَا، وَكَانَتْ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا الشُّوَانَكَارَةُ عَلَى اخْتِلَافِ بُطُونِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ، وَاسْتَعَانُوا بِصَاحِبِ كَرْمَانَ إِيرَانْ شَاهْ بْنِ قَاوَرْتَ، فَاجْتَمَعُوا، وَصَافُّوا الْأَمِيرَ أُنَرَ، وَكَسَرُوهُ، وَعَادَ مَفْلُولًا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَأَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي اللَّحَاقِ بِهِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَأَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بِبَلَدِ الْجِبَالِ، وَوَلَّاهُ إِمَارَةَ الْعِرَاقِ، وَكَاتَبَ الْعَسَاكِرَ الْمُجَاوِرَةَ لَهُ بِطَاعَتِهِ. فَأَقَامَ بِأَصْبَهَانَ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى أَقْطَاعِهِ بِأَذْرَبِيجَانَ، وَعَادَ وَقَدِ انْتَشَرَ أَمْرُ الْبَاطِنِيَّةِ بِأَصْبَهَانَ، فَنَدَبَ نَفْسَهُ لِقِتَالِهِمْ، وَحَصَرَ قَلْعَةً عَلَى جَبَلِ أَصْبَهَانَ.
وَاتَّصَلَ بِهِ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَكَانَ بِبَغْدَاذَ، فَسَارَ مِنْهَا إِلَى الْحِلَّةِ، فَأَكْرَمَهُ صَدَقَةُ، وَسَارَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى الْأَمِيرِ أُنَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِالْأَمِيرِ أُنَرَ خَوَّفَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ، وَأَعْظَمُوا عَلَيْهِ الِاجْتِمَاعَ بِهِ، وَحَسَّنُوا لَهُ الْبُعْدَ عَنْهُ، وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِمُكَاتَبَةِ غِيَاثِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ بِكَنْجَةَ، فَعَزَمَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِلسُّلْطَانِ، وَتَحَدَّثَ فِيهِ، فَظَهَرَ ذَلِكَ، فَزَادَ خَوْفُهُ مِنَ السُّلْطَانِ، فَجَمَعَ مِنَ الْعَسَاكِرِ الْمَعْرُوفِينَ بِالشَّجَاعَةِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، وَسَارَ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى الرَّيِّ، وَأَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ يَقُولُ: إِنَّهُ مَمْلُوكٌ، وَمُطِيعٌ، إِنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ مَجْدَ الْمُلْكِ الْبَلَاسَانِيَّ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إِلَيْهِ فَهُوَ عَاصٍ خَارِجٌ عَنِ الطَّاعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute