[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٩٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ عَوْدِ مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ إِلَى الْبَطِيحَةِ
قَدْ ذَكَرْنَا انْهِزَامَ عَمِيدِ الْجُيُوشِ مِنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ وَاصِلٍ، فَلَمَّا انْهَزَمَ أَقَامَ بِوَاسِطَ، وَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ إِلَى الْبَطَائِحِ، وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ قَدْ تَرَكَ بِهَا نَائِبًا لَهُ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْمُقَامِ بِهَا، فَفَارَقَهَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَأَرْسَلَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ إِلَيْهَا نَائِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَطَائِحِ، فَعَسَفَ النَّاسَ، وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى عَمِيدِ الْجُيُوشِ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَغْدَاذَ وَأَحْضَرَ مُهَذَّبَ الدَّوْلَةِ، وَسَيَّرَ مَعَهُ الْعَسَاكِرَ فِي السُّفُنِ إِلَى الْبَطِيحَةِ، فَلَمَّا وَصَلَهَا لَقِيَهُ أَهْلُ الْبِلَادِ، وَسُرُّوا بِقُدُومِهِ، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْوِلَايَاتِ، وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ كُلَّ سَنَةٍ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ ابْنُ وَاصِلٍ، فَاشْتَغَلَ عَنْهُ (بِالتَّجْهِيزِ إِلَى) خُوزِسْتَانَ، وَحَفَرَ نَهْرًا إِلَى جَانِبِ النَّهْرِ الْعَضُدِيِّ، بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْأَهْوَازِ، وَكَثُرَ مَاؤُهُ، وَكَانَ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الدَّيْلَمِ وَأَنْوَاعِ الْأَجْنَادِ.
وَلَمَّا كَثُرَ مَالُهُ وَذَخَائِرُهُ، وَ [مَا] اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنَ الْبَطِيحَةِ، قَوِيَ طَمَعُهُ فِي الْمُلْكِ، وَسَارَ هُوَ وَعَسْكَرُهُ إِلَى الْأَهْوَازِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَجَهَّزَ إِلَيْهَا بَهَاءُ الدَّوْلَةِ جَيْشًا فِي الْمَاءِ، فَالْتَقَوْا بِنَهْرِ السِّدْرَةِ، فَاقْتَتَلُوا، وَخَاتَلَهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَسَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ وَتَبِعَهُ مَنْ كَانَ قَدْ لَقِيَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَالْتَقَوْا بِظَاهِرِ الْأَهْوَازِ، وَانْضَافَ إِلَى عَسْكَرِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ الْعَسَاكِرُ الَّتِي بِالْأَهْوَازِ، فَاسْتَظْهَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَلَيْهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute