[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٩٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ يَمِينِ الدَّوْلَةِ سِجِسْتَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ سِجِسْتَانَ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ.
قَالَ الْعُتْبِيُّ: وَكَانَ سَبَبُ أَخْذِهَا أَنَّ يَمِينَ الدَّوْلَةِ لَمَّا رَحَلَ عَنْ خَلَفٍ بَعْدَ أَنْ صَالَحَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، عَهِدَ خَلَفٌ إِلَى وَلَدِهِ طَاهِرٍ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِ مَمْلَكَتَهُ، وَانْعَكَفَ هُوَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ، وَكَانَ عَالِمًا، فَاضِلًا، مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ، وَكَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُوهِمَ يَمِينَ الدَّوْلَةِ أَنَّهُ تَرَكَ الْمُلْكَ وَأَقْبَلَ عَلَى طَلَبِ الْآخِرَةِ لِيَقْطَعَ طَمَعَهُ عَنْ بِلَادِهِ.
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ طَاهِرٌ فِي الْمُلْكِ عَقَّ أَبَاهُ وَأَهْمَلَ أَمْرَهُ، فَلَاطَفَهُ أَبُوهُ وَرَفَقَ بِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَمَارَضَ فِي حِصْنِهِ الْمَذْكُورِ، وَاسْتَدْعَى وَلَدَهُ لِيُوصِيَ إِلَيْهِ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ غَيْرَ مُحْتَاطٍ، وَنَسِيَ إِسَاءَتَهُ، فَلَمَّا صَارَ عِنْدَهُ قَبَضَ عَلَيْهِ وَسَجَنَهُ، وَبَقِيَ فِي السِّجْنِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِيهِ، وَأُظْهِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ.
وَلَمَّا سَمِعَ عَسْكَرُ خَلَفٍ وَصَاحِبُ جَيْشِهِ بِذَلِكَ تَغَيَّرَتْ نِيَّاتُهُمْ فِي طَاعَتِهِ، وَكَرِهُوهُ، وَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ فِي مَدِينَتِهِ، (وَأَظْهَرُوا طَاعَةَ يَمِينِ الدَّوْلَةِ، وَخَطَبُوا لَهُ، وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَطْلُبُونَ مَنْ يَتَسَلَّمُ الْمَدِينَةَ) ، فَفَعَلَ وَمَلَكَهَا، وَاحْتَوَى عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَعَزَمَ عَلَى قَصْدِ خَلَفٍ وَأَخْذِ مَا بِيَدِهِ وَالِاسْتِرَاحَةِ مِنْ مَكْرِهِ. فَسَارَ إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي حِصْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute