This website shamela.ws/book/21712/2552 is currently offline. Cloudflare's Always Online™ shows a snapshot of this web page from the Internet Archive's Wayback Machine. To check for the live version, click Refresh.
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَة]
١٥٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ عِصْيَانِ أَهْلِ إِشْبِيلِيَّةَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيُّ، صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ، إِلَى حَرْبِ شَقْنَا، وَقَصْدِ حِصْنِ شَيْطَرَانَ، فَحَصَرَهُ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ (فَهَرَبَ إِلَى الْمَفَازَةِ كَعَادَتِهِ) ، وَكَانَ قَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى قُرْطُبَةَ ابْنَهُ سُلَيْمَانَ، فَأَتَاهُ كِتَابُهُ يُخْبِرُهُ بِخُرُوجِ أَهْلِ إِشْبِيلِيَّةَ مَعَ عَبْدِ الْغَفَّارِ، وَحَيْوَةَ بْنِ مُلَابِسٍ عَنْ طَاعَتِهِ، وَعِصْيَانِهِمْ عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَ مَنْ بِهَا مِنَ الْيَمَانِيَّةِ مَعَهُمَا، فَرَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَدْخُلْ قُرْطُبَةَ، وَهَالَهُ مَا سَمِعَ مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ، فَقَدَّمَ ابْنَ عَمِّهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَرَ، وَكَانَ شِهَابَ آلِ مَرْوَانَ، وَبَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ خَلْفَهُ كَالْمَدَدِ لَهُ.
فَلَمَّا قَارَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَهْلَ إِشْبِيلِيَّةَ قَدَّمَ ابْنَهُ أُمَيَّةَ لِيَعْرِفَ حَالَهُمْ، فَرَآهُمْ مُسْتَيْقِظِينَ فَرَجَعَ إِلَى أَبِيهِ، فَلَامَهُ أَبُوهُ عَلَى إِظْهَارِ الْوَهَنِ، وَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَجَمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَخَاصَّتَهُ، وَقَالَ لَهُمْ: طُرِدْنَا مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى أَقْصَى هَذَا الصُّقْعِ، وَنُحْسَدُ عَلَى لُقْمَةٍ تُبْقِي الرَّمَقَ، اكْسِرُوا جُفُونَ السُّيُوفِ، فَالْمَوْتُ أَوْلَى أَوِ الظَّفَرُ.
فَفَعَلُوا وَحَمَلَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَهَزَمَ الْيَمَانِيَّةَ وَأَهْلَ إِشْبِيلِيَّةَ، فَلَمْ تَقُمْ بَعْدَهَا لِلْيَمَانِيَّةِ قَائِمَةٌ، وَجُرِحَ عَبْدُ الْمَلِكِ.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَتَاهُ وَجُرْحُهُ يَجْرِي دَمًا، وَسَيْفُهُ يَقْطُرُ دَمًا، وَقَدْ لَصِقَتْ يَدُهُ بِقَائِمِ سَيْفِهِ، فَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَجَزَاهُ خَيْرًا، وَقَالَ: يَا ابْنَ عَمٍّ قَدْ أَنْكَحْتُ ابْنِي وَوَلِيَّ عَهْدِي هِشَامًا ابْنَتَكَ فُلَانَةَ، وَأَعْطَيْتُهَا كَذَا وَكَذَا، وَأَعْطَيْتُكَ كَذَا وَأَوْلَادَكَ كَذَا، وَأَقْطَعْتُكَ وَإِيَّاهُمْ، وَوَلَّيْتُكُمُ الْوِزَارَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute