[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ]
١٨٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ مَسِيرِ هَارُونَ الرَّشِيدِ إِلَى الرَّيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الرَّشِيدُ إِلَى الرَّيِّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّشِيدَ لَمَّا اسْتَعْمَلَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ عَلَى خُرَاسَانَ ظَلَمَ أَهْلَهَا، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِيهِمْ، فَكَتَبَ كُبَرَاءُ أَهْلِهَا وَأَشْرَافُهَا إِلَى الرَّشِيدِ يَشْكُونَ سُوءَ سِيرَتِهِ وَظُلْمَهُ، وَاسْتِخْفَافَهُ بِهِمْ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ. وَقِيلَ لِلرَّشِيدِ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى قَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْخِلَافِ. فَسَارَ إِلَى الرَّيِّ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَمَعَهُ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَأْمُونُ، وَالْقَاسِمُ، وَكَانَ قَدْ جَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدٍ بَعْدَ الْمَأْمُونِ، وَجَعَلَ أَمْرَهُ إِلَى الْمَأْمُونِ إِنْ شَاءَ أَقَرَّهُ، وَإِنْ شَاءَ خَلَعَهُ، وَأَحْضَرَ الْقُضَاةَ وَالشُّهُودَ وَأَشْهَدَهُمْ أَنَّ جَمِيعَ [مَا] فِي عَسْكَرِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْخَزَائِنِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِلْمَأْمُونِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ.
وَأَقَامَ الرَّشِيدُ بِالرَّيِّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَتَاهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى مِنْ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَهْدَى لَهُ الْهَدَايَا الْكَثِيرَةَ، وَالْأَمْوَالَ الْعَظِيمَةَ، وَأَهْدَى لِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَوَلَدِهِ، وَكُتَّابِهِ، وَقُوَّادِهِ، مِنَ الطُّرَفِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَرَأَى الرَّشِيدُ خِلَافَ مَا كَانَ يَظُنُّ، فَرَدَّهُ إِلَى خُرَاسَانَ.
وَلَمَّا أَقَامَ الرَّشِيدُ بِالرَّيِّ سَيَّرَ حُسَيْنًا الْخَادِمَ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، وَكَتَبَ مَعَهُ أَمَانًا لِشَرْوِينَ بْنِ أَبِي قَارَنَ، وَأَمَانًا لِوَنْدَا هُرْمُزَ، جَدِّ مَازْيَارَ، وَأَمَانًا لِمَرْزُبَانَ بْنِ جُسْتَانَ، (صَاحِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute