للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْلَمِ، فَقَدِمَ جُسْتَانُ) وَوَنْدَا هُرْمُزَ فَأَكْرَمَهُمَا، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا، وَضَمِنَ وَنْدَا هُرْمُزَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، وَأَدَاءَ الْخَرَاجِ عَنْ شَرْوِينَ.

وَرَجَعَ الرَّشِيدُ إِلَى الْعِرَاقِ، وَدَخَلَ بَغْدَاذَ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ. فَلَمَّا مَرَّ بِالْجِسْرِ أَمَرَ بِإِحْرَاقِ جُثَّةِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، وَلَمْ يَنْزِلْ بَغْدَاذَ، وَمَضَى مِنْ فَوْرِهِ إِلَى الرَّقَّةِ.

وَلَمَّا جَازَ بَغْدَاذَ قَالَ:: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَطْوِي مَدِينَةً مَا وُضِعَ بِشَرْقٍ وَلَا غَرْبٍ مَدِينَةٌ أَيْمَنُ وَلَا أَيْسَرُ مِنْهَا، وَإِنَّهَا لَدَارُ مَمْلَكَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَا بَقُوا، وَحَافَظُوا عَلَيْهَا، وَلَا رَأَى أَحَدٌ مِنْ آبَائِي سُوءًا وَلَا نَكْبَةً مِنْهَا، وَلَنِعْمَ الدَّارُ هِيَ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ الْمُنَاخَ عَلَى نَاحِيَةِ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالْبُغْضِ لِأَئِمَّةِ الْهُدَى، وَالْحُبِّ لِشَجَرَةِ اللَّعْنَةِ بَنِي أُمَيَّةَ مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَارِقَةِ، وَالْمُتَلَصِّصَةِ، وَمُخِيفِي السَّبِيلِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا فَارَقْتُ بَغْدَاذَ [مَا حَيِيتُ] . فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْأَحْنَفِ فِي طَيِّ الرَّشِيدِ بَغْدَاذَ: مَا أَنَخْنَا حَتَّى ارْتَحَلْنَا فَمَا نَفْرِقُ بَيْنَ الْمُنَاخِ وَالِارْتِحَالِ سَاءَلُونَا عَنْ حَالِنَا إِذْ قَدِمْنَا فَقَرَنَّا وَدَاعَهُمْ بِالسُّؤَالِ

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِطَرَابُلُسِ الْغَرْبِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ شَغَبُ أَهْلِ طَرَابُلُسِ الْغَرْبِ عَلَى وُلَاتِهِمْ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَغْلَبِ، أَمِيرُ إِفْرِيقِيَّةَ، قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عِدَّةَ وُلَاةٍ، فَكَانُوا يَشْكُونَ مِنْ وُلَاتِهِمْ، فَيَعْزِلُهُمْ، وَيُوَلِّي غَيْرَهُمْ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ السَّنَةَ سُفْيَانَ بْنَ الْمَضَاءِ، وَهِيَ وِلَايَتُهُ الرَّابِعَةُ، فَاتَّفَقَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى إِخْرَاجِهِ عَنْهُمْ، وَإِعَادَتِهِ إِلَى الْقَيْرَوَانِ، فَزَحَفُوا إِلَيْهِ، فَأَخَذَ سِلَاحَهُ وَقَاتَلَهُمْ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِمَّنْ مَعَهُ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ دَارِهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ، فَقَاتَلَهُمْ فِيهِ، فَقَتَلُوا أَصْحَابَهُ ثُمَّ أَمَّنُوهُ، فَخَرَجَ عَنْهُمْ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا.

وَاسْتَعْمَلَ الْجُنْدُ الَّذِينَ بِطَرَابُلُسَ عَلَى الْبَلَدِ وَأَهْلِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سُفْيَانَ التَّمِيمِيَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>