[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
(٥٢٧)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ شَمْسِ الْمُلُوكِ بَانِيَاسَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ مَلَكَ شَمْسُ الْمُلُوكِ صَاحِبُ دِمَشْقَ حِصْنَ بَانِيَاسَ مِنَ الْفِرِنْجِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرِنْجَ اسْتَضْعَفُوهُ وَطَمِعُوا فِيهِ، وَعَزَمُوا عَلَى نَقْضِ الْهُدْنَةِ الَّتِي بَيْنَهُمْ، فَتَعَرَّضُوا إِلَى أَمْوَالِ جَمَاعَةٍ مِنْ تُجَّارِ دِمَشْقَ بِمَدِينَةِ بَيْرُوتَ وَأَخَذُوهَا، فَشَكَا التُّجَّارُ إِلَى شَمْسِ الْمُلُوكِ، فَرَاسَلَ فِي إِعَادَةٍ مَا أَخَذُوهُ، وَكَرَّرَ الْقَوْلَ فِيهِ، فَلَمْ يَرُدُّوا شَيْئًا، فَحَمَلَتْهُ الْأَنَفَةُ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْغَيْظُ عَلَى أَنْ جَمَعَ عَسْكَرَهُ وَتَأَهَّبَ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ أَيْنَ يُرِيدُ.
ثُمَّ سَارَ وَسَبَقَ خَبَرَهُ أَوَاخِرَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَنَزَلَ عَلَى بَانِيَاسَ أَوَّلَ صَفَرٍ، وَقَاتَلَهَا لِسَاعَتِهِ، وَزَحَفَ إِلَيْهَا زَحْفًا مُتَتَابِعًا، وَكَانُوا غَيْرَ مُتَأَهِّبِينَ، وَلَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ مَنْ يَقُومُ بِهَا وَقَرُبَ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ، وَتَرَجَّلَ بِنَفْسِهِ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ مِنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ، وَوَصَلُوا إِلَى السُّورِ، فَنَقَبُوهُ وَدَخَلُوا الْبَلَدَ عَنْوَةً، وَالْتَجَأَ مَنْ كَانَ مِنْ جُنْدِ الْفِرِنْجِ إِلَى الْحِصْنِ، وَتَحَصَّنُوا بِهِ، فَقُتِلَ مِنَ الْبَلَدِ كَثِيرٌ مِنَ الْفِرِنْجِ، وَأُسِرَ كَثِيرٌ، وَنُهِبَتِ الْأَمْوَالُ، وَقَاتَلَ الْقَلْعَةَ قِتَالًا شَدِيدًا لَيْلًا وَنَهَارًا، فَمَلَكَهَا رَابِعَ صَفَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute