قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ يَمْشِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرْسِلُ إِلَيْهِمْ مَا يَأْكُلُونَهُ مَعَ خَالِدٍ، وَكَانُوا لَا يَأْكُلُونَ طَعَامًا حَتَّى يَأْكُلَ خَالِدٌ مِنْهُ، حَتَّى أَسْلَمُوا.
وَكَانَ فِيمَا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدَعَ الطَّاغِيَةَ، وَهِيَ اللَّاتُ، لَا يَهْدِمُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، وَكَانَ قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ أَنْ يَتَسَلَّمُوا بِتَرْكِهَا مِنْ سُفَهَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَنَزَلُوا إِلَى شَهْرٍ فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْفِيَهُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: «لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا صَلَاةَ فِيهِ» . فَأَجَابُوا وَأَسْلَمُوا. وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، لِمَا رَأَى مِنْ حِرْصِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ؛ لِيَهْدِمَا الطَّاغِيَةَ، فَتَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ فَهَدَمَهَا، وَقَامَ قَوْمُهُ مِنْ بَنِي شُعَيْبٍ دُونَهُ؛ خَوْفًا أَنْ يُرْمَى بِسَهْمٍ، وَخَرَجَ نِسَاءُ ثَقِيفٍ حُسَّرًا يَبْكِينَ عَلَيْهَا، وَأُخِذَ حُلِيُّهَا وَمَالُهَا.
وَكَانَ أَبُو مَلِيحِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقَارِبُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ - قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قُتِلَ عُرْوَةُ وَالْأَسْوَدُ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْضِيَا مِنْهُ دَيْنَ عُرْوَةَ وَالْأَسْوَدِ ابْنَيْ مَسْعُودٍ، فَفَعَلَا، «وَكَانَ الْأَسْوَدُ مَاتَ كَافِرًا، فَسَأَلَ ابْنُهُ قَارِبُ بْنُ الْأَسْوَدِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ أَبِيهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ كَافِرٌ. فَقَالَ: يَصِلُ مُسْلِمٌ ذَا قَرَابَتِهِ» . يَعْنِي أَنَّهُ أَسْلَمَ فَيَصِلُ أَبَاهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا.
[ذِكْرُ غَزْوَةِ طَيِّئٍ وَإِسْلَامِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى دِيَارِ طَيِّئٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَهْدِمَ صَنَمَهُمُ الْفَلْسَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَأَغَارَ عَلَيْهِمْ، فَغَنِمَ وَسَبَى وَكَسَرَ الصَّنَمَ، وَكَانَ مُتَقَلِّدًا سَيْفَيْنِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: مِخْذَمُ، وَلِلْآخَرِ: رَسُوبُ، فَأَخَذَهُمَا عَلِيٌّ وَحَمَلَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ أَهْدَى السَّيْفَيْنِ لِلصَّنَمِ، فَعُلِّقَا عَلَيْهِ، وَأَسَرَ بِنْتًا لِحَاتِمٍ الطَّائِيِّ، وَحُمِلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ، فَأَطْلَقَهَا.
وَأَمَّا إِسْلَامُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَقَالَ عَدِيٌّ: جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذُوا أُخْتِي وَنَاسًا، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ أُخْتِي: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْوَالِدُ، وَغَابَ الْوَافِدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute