للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَسِرْتُ حَتَّى دَخَلْتُ غَارًا بِضَجْنَانَ وَمَعِي قَوْسِي وَأَسْهُمِي، فَبَيْنَا أَنَا فِيهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدُّئِلِ أَعْوَرُ، طَوِيلٌ، يَسُوقُ غَنَمًا، فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: مِنْ بَنِي الدُّئِلِ، فَاضْطَجَعَ مَعِي وَرَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى وَيَقُولُ:

وَلَسْتُ بِمُسْلِمٍ مَا دُمْتُ حَيًّا ... وَلَسْتُ أَدِينُ دِينَ الْمُسْلِمِينَا

ثُمَّ نَامَ فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ سِرْتُ، فَإِذَا رَجُلَانِ بَعَثَتْهُمَا قُرَيْشٌ يَتَجَسَّسَانِ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَمَيْتُ أَحَدَهُمَا بِسَهْمٍ فَقَتَلْتُهُ وَاسْتَأْسَرْتُ الْآخَرَ، فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَضَحِكَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ مِنْ بَنِي هِلَالٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الطُّفَيْلِ بْنِ الْحَارِثِ فَطَلَّقَهَا.

وَوَلِيَ الْمُشْرِكُونَ الْحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

[ذِكْرُ بِئْرِ مَعُونَةَ]

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي صَفَرٍ قُتِلَ جَمْعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَرَاءِ بْنِ عَازِبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ، سَيِّدَ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْدَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدِيَّةً، فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ: يَا أَبَا بَرَاءٍ، لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ، ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ وَلَمْ يُسْلِمْ، وَقَالَ: إِنَّ أَمْرَكَ هَذَا حَسَنٌ، فَلَوْ بَعَثْتَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكَ لَرَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ. فَقَالَ أَبُو بَرَاءٍ: أَنَا لَهُمْ جَارٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>