وَالسَّبَايَا، فَسَاقُوا فِي السَّبْيِ الشَّيْمَاءَ ابْنَةَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، فَقَالَتْ لَهُمْ: إِنِّي وَاللَّهِ أُخْتُ صَاحِبِكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهَا حَتَّى أَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي أُخْتُكَ. قَالَ: «وَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: عَضَّةٌ عَضَضْتَنِيهَا فِي ظَهْرِي وَأَنَا مُتَوَرِّكَتُكَ. فَعَرَفَهَا وَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَهَا عَلَيْهِ، وَخَيَّرَهَا فَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتِ فَعِنْدِي مُكَرَّمَةٌ مُحَبَّبَةٌ، وَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أُمَتِّعَكِ وَتَرْجِعِي إِلَى قَوْمِكِ. قَالَتْ: بَلْ تُمَتِّعُنِي وَتَرُدُّنِي إِلَى قَوْمِي، فَفَعَلَ» .
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّبَايَا وَالْأَمْوَالِ، فَجُمِعَتْ إِلَى الْجِعْرَانَةِ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ.
وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِحُنَيْنٍ أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَيَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَغَيْرُهُمَا.
[ذِكْرُ حِصَارِ الطَّائِفِ]
لَمَّا قَدِمَ الْمُنْهَزِمُونَ مِنْ ثَقِيفٍ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ إِلَى الطَّائِفِ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ مَدِينَتَهُمْ، وَاسْتَحْصَرُوا، وَجَمَعُوا مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ. فَسَارَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا كَانَ بِبُحْرَةِ الرُّغَاءِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الطَّائِفِ قَتَلَ بِهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ قِصَاصًا، كَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ دَمٍ أُقِيدَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَسَارَ إِلَى ثَقِيفٍ فَحَصَرَهُمْ بِالطَّائِفِ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ مَنْجَنِيقًا أَشَارَ بِهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الشَّدْخَةِ عِنْدَ جِدَارِ الطَّائِفِ، دَخَلَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَحْتَ دَبَّابَةٍ عَمِلُوهَا، ثُمَّ زَحَفُوا بِهَا إِلَى جِدَارِ الطَّائِفِ، فَأَرْسَلَتْ عَلَيْهِمْ ثَقِيفٌ سِكَكَ الْحَدِيدِ الْمُحْمَاةِ، فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِهَا، فَرَمَاهُمْ مَنْ بِالطَّائِفِ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا رِجَالًا. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ أَعْنَابِ ثَقِيفٍ، فَقُطِعَتْ. وَنَزَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ نَفَرٌ مِنْ رَقِيقِ أَهْلِ الطَّائِفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute