فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَقَالَ لَهُ دُرَيْدٌ: مَاذَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَقْتُلُكَ. قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ لَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا. فَقَالَ دُرَيْدٌ: بِئْسَ مَا سَلَّحَتْكَ أُمُّكَ، خُذْ سَيْفِي فَاضْرِبْ بِهِ، ثُمَّ ارْفَعْ عَنِ الْعِظَامِ وَاخْفِضْ عَنِ الدِّمَاغِ، فَإِنِّي كَذَلِكَ كُنْتُ أَقْتُلُ الرِّجَالَ، وَإِذَا أَتَيْتَ أُمَّكَ فَأَخْبِرْهَا أَنَّكَ قَتَلْتَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَرُبَّ يَوْمٍ قَدْ مَنَعْتُ فِيهِ نِسَاءَكَ. فَقَتَلَهُ. فَلَمَّا أَخْبَرَ أُمَّهُ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْتَقَ أُمَّهَاتٍ لَكَ ثَلَاثًا. وَاسْتَلَبَ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَحْدَهُ، وَقَتَلَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» .
وَقَتَلَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ قَتِيلًا، وَأَجْهَضَهُ الْقِتَالُ عَنْ أَخْذِ سَلَبِهِ، فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ قَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: قَتَلْتُ قَتِيلًا وَأَخَذَ غَيْرِي سَلَبَهُ. فَقَالَ الَّذِي أَخَذَ السَّلَبَ: هُوَ عِنْدِي فَارْضِهِ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وَاللَّهِ، لَا تَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ تُقَاسِمُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَبَ.
وَكَانَ لِبَعْضِ ثَقِيفٍ غُلَامٌ نَصْرَانِيٌّ، فَقُتِلَ، فَبَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَسْتَلِبُ قَتْلَى ثَقِيفٍ إِذْ كَشَفَ الْعَبْدَ فَرَآهُ أَغْرَلَ، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، إِنَّ ثَقِيفًا لَا تَخْتَتِنُ. فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: لَا تَقُلْ هَذَا، إِنَّمَا هُوَ غُلَامٌ نَصْرَانِيٌّ، وَأَرَاهُ قَتْلَى ثَقِيفٍ مُخْتَتِنِينَ.
«وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّرِيقِ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَهَا؟ قَالُوا: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. فَقَالَ لِبَعْضِ مَنْ مَعَهُ: أَدْرِكْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَنْهَاكَ أَنْ تَقْتُلَ امْرَأَةً أَوْ وَلِيدًا أَوْ عَسِيفًا.» وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ.
وَكَانَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ بِأَوْطَاسٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ، عَمَّ أَبِي مُوسَى، فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ بِسَهْمٍ، قِيلَ رَمَاهُ سَلَمَةُ بْنُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ، وَقَتَلَ أَبُو مُوسَى سَلَمَةَ هَذَا بِعَمِّهِ أَبِي عَامِرٍ، وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ بِأَوْطَاسٍ، وَظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ بِالْغَنَائِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute