أَلَا أَيُّهَا الْمُدْلِي بِكَثْرَةِ قَوْمِهِ
وَحَظُّكَ مِنْهُمْ أَنْ تُضَامَ وَتُقْهَرَا ... سَلِ النَّاسَ عَنَّا كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ
إِذَا مَا الْتَقَيْنَا دَارِعِينَ وَحُسَّرًا ... أَلَسْنَا نُعَاطِي ذَا الطِّمَاحِ لِجَامَهُ
وَنَطْعَنُ فِي الْهَيْجَا إِذَا الْمَوْتُ أَقْفَرَا ... فَرَوَّيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ
وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أَعُمَّرَا
ثُمَّ إِنَّ أَبَا شَجَرَةَ أَسْلَمَ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى عُمَرَ وَهُوَ يُقَسِّمُ فِي الْمَسَاكِينِ، فَقَالَ: أَعْطِنِي فَإِنِّي ذُو حَاجَةٍ، فَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا أَبُو شَجَرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السُّلَمِيُّ. قَالَ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، لَا وَاللَّهِ! أَلَسْتَ الَّذِي تَقُولُ:
فَرَوَّيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ ... وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أَعُمِّرَا
؟
وَجَعَلَ يَعْلُوهُ بِالدِّرَّةِ فِي رَأْسِهِ حَتَّى سَبَقَهُ عَدْوًا إِلَى نَاقَتِهِ، فَرَكِبَهَا وَلَحِقَ بِقَوْمِهِ وَقَالَ:
ضَنَّ عَلَيْنَا أَبُو حَفْصٍ بِنَائِلِهِ ... وَكُلُّ مُخْتَبِطٍ يَوْمًا لَهُ وَرَقُ
فِي أَبْيَاتٍ.
[ذِكْرُ قُدُومِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ عُمَانَ]
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَرْسَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. فَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمْرٌو بِعُمَانَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَحْرَيْنِ، فَوَجَدَ الْمُنْذِرَ بْنَ سَاوَى فِي الْمَوْتِ. ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ إِلَى بِلَادِ بَنِي عَامِرٍ فَنَزَلَ بِقُرَّةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، وَقُرَّةُ يَقُدِّمُ رِجْلًا وَيُؤَخِّرُ أُخْرَى، وَمَعَهُ عَسْكَرٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَذَبَحَ لَهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ. فَلَمَّا أَرَادَ الرِّحْلَةَ خَلَا بِهِ قُرَّةُ وَقَالَ: يَا هَذَا، إِنَّ الْعَرَبَ لَا تَطِيبُ لَكُمْ نَفْسًا بِالْإِتَاوَةِ، فَإِنْ أَعْفَيْتُمُوهَا مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِهَا فَسَتَسْمَعُ لَكُمْ وَتُطِيعُ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَا تَجْتَمِعُ عَلَيْكُمْ.
فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَكَفَرْتَ يَا قُرَّةُ؟ أَتُخَوِّفُنَا بِالْعَرَبِ؟ فَوَاللَّهِ لَأُوطِئَنَّ عَلَيْكَ الْخَيْلَ فِي حِفْشِ أُمِّكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute