للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ]

١٨٦ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

ذِكْرُ اتِّفَاقِ الْحَكَمِ صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ وَعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ اتَّفَقَ الْحَكَمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمِيرُ الْأَنْدَلُسِ، وَعَمُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَلَنْسِيُّ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ لَمَّا سَمِعَ بِقَتْلِ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ عَظُمَ عَلَيْهِ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَزِمَ بَلَنْسِيَةَ وَلَمْ يُفَارِقْهَا، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ لِإِثَارَةِ فِتْنَةٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْحَكَمِ يَطْلُبُ الْمُسَالَمَةَ، وَالدُّخُولَ فِي طَاعَتِهِ.

وَقِيلَ: بَلِ الْحَكَمُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رُسُلًا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْمُسَالَمَةَ، وَيُؤَمِّنُهُ، وَبَذَلَ لَهُ الْأَرْزَاقَ الْوَاسِعَةَ، وَلِأَوْلَادِهِ، فَأَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى الِاتِّفَاقِ، وَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى يَدِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، صَاحِبِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَزَوَّجَ الْحَكَمُ أَخَوَاتِهِ مِنْ أَوْلَادِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَأَكْرَمَهُ الْحَكَمُ، وَعَظَّمَ مَحَلَّهُ، وَأَجْرَى لَهُ وَلِأَوْلَادِهِ الْأَرْزَاقَ الْوَاسِعَةَ وَالصِّلَاتِ السَّنِيَّةَ.

وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَاسَلَةَ فِي الصُّلْحِ كَانَتْ هَذِهِ السَّنَةَ، وَاسْتَقَرَّ الصُّلْحُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ.

ذِكْرُ حَجِّ الرَّشِيدِ وَأَمْرِ كِتَابِ وِلَايَةِ الْعَهْدِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَجَّ (بِالنَّاسِ هَارُونُ) الرَّشِيدُ، سَارَ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الْأَنْبَارِ، فَبَدَأَ بِالْمَدِينَةِ، فَأَعْطَى فِيهَا ثَلَاثَةَ أَعْطِيَةٍ، أَعْطَى هُوَ عَطَاءً، وَمُحَمَّدٌ الْأَمِينُ عَطَاءً، وَعَبْدُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>