[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
٤٤١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ ظُهُورِ الْخُلْفِ بَيْنَ قِرْوَاشٍ وَأَخِيهِ أَبِي كَامِلٍ وَصُلْحِهِمَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ الْخُلْفُ بَيْنَ مُعْتَمَدِ الدَّوْلَةِ قِرْوَاشٍ وَبَيْنَ أَخِيهِ زَعِيمِ الدَّوْلَةِ أَبِي كَامِلٍ ظُهُورًا آلَ إِلَى الْمُحَارَبَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ ذَلِك َ.
فَلَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَفَسَدَ الْحَالُ فَسَادًا لَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهُ - جَمَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمْعًا لِمُحَارَبَةِ صَاحِبِهِ، وَسَارَ قِرْوَاشٌ فِي الْمُحَرَّمِ وَعَبَرَ دِجْلَةَ بِنَوَاحِي بَلَدَ، وَجَاءَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ نَصْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ مَرْوَانَ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَيْسَكَانَ الْحُمَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَكْرَادِ، وَسَارُوا إِلَى مَعْلَثَايَا فَأَخْرَبُوا الْمَدِينَةَ وَنَهَبُوهَا، وَنَزَلُوا بِالْمُغِيثَةِ، وَجَاءَ أَبُو كَامِلٍ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْعَرَبِ وَآلِ الْمُسَيَّبِ، فَنَزَلُوا بِمَرَجِ بَابَنِيثَا، وَبَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ نَحْوُ فَرْسَخٍ، وَاقْتَتَلُوا يَوْمَ السَّبْتِ ثَانِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَافْتَرَقُوا مِنْ غَيْرِ ظَفَرٍ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا يَوْمَ الْأَحَدِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُلَابِسِ الْحَرْبَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَرْوَانَ، بَلْ كَانَ نَاحِيَةً، وَوَافَقَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْحُمَيْدِيُّ، وَسَارُوا عَنْ قِرْوَاشٍ، وَفَارَقَهُ جَمْعٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَقَصَدُوا أَخَاهُ، فَضَعُفَ أَمْرُ قِرْوَاشٍ، وَبَقِيَ فِي حُلَّتِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ، فَرَكِبَتِ الْعَرَبُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي كَامِلٍ لِقَصْدِهِ، فَمَنَعَهُمْ، وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقَدْ تَسَرَّعَ بَعْضُهُمْ وَنَهَبَ بَعْضًا مِنْ عَرَبِ قِرْوَاشٍ، وَجَاءَ أَبُو كَامِلٍ إِلَى قِرْوَاشٍ وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَنَقَلَهُ إِلَى حُلَّتِهِ، وَأَحْسَنَ عِشْرَتَهُ، ثُمَّ أَنْفَذَهُ إِلَى الْمَوْصِلِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَجَعَلَ مَعَهُ بَعْضَ زَوْجَاتِهِ فِي دَارٍ.
وَكَانَ مِمَّا فَتَّ فِي عَضُدِ قِرْوَاشٍ وَأَضْعَفَ نَفْسَهُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَبَضَ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الصَّيَّادِينَ بِالْأَنْبَارِ لِسُوءِ طَرِيقِهِمْ وَفَسَادِهِمْ، فَهَرَبَ الْبَاقُونَ مِنْهُمْ، وَبَقِيَ بَعْضُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute