للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسِّنْدِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ سَارَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى الْأَنْبَارِ، وَتَسَلَّقُوا السُّورَ لَيْلَةَ خَامِسِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَتَلُوا حَارِسًا، وَفَتَحُوا الْبَابَ وَنَادَوْا بِشِعَارِ أَبِي كَامِلٍ، فَانْضَافَ إِلَيْهِمْ أَهْلُوهُمْ وَأَصْدِقَاؤُهُمْ وَمَنْ لَهُ هَوًى فِي أَبِي كَامِلٍ، فَكَثُرُوا، وَثَارَ بِهِمْ أَصْحَابُ قِرْوَاشٍ فَاقْتَتَلُوا، فَظَفِرُوا وَقَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِ مُعْتَمِدِ الدَّوْلَةِ قِرْوَاشٍ جَمَاعَةً، وَهَرَبَ الْبَاقُونَ، فَبَلَغَهُ خَبَرُ اسْتِيلَاءِ أَخِيهِ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ عَوْدُ أَصْحَابِه ِ.

ثُمَّ إِنَّ الْمُسَيَّبَ وَأُمَرَاءَ الْعَرَبِ كَلَّفُوا أَبَا كَامِلٍ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ، وَاشْتَطُّوا عَلَيْهِ، فَخَافَ أَنْ يَؤُولَ الْأَمْرُ بِهِمْ إِلَى طَاعَةِ قِرْوَاشٍ وَإِعَادَتِهِ إِلَى مَمْلَكَتِهِ، فَبَادَرَهُمْ إِلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ لَه ُ: إِنَّنِي وَإِنْ كُنْتُ أَخَاكَ فَإِنَّنِي عَبْدُكَ، وَمَا جَرَى هَذَا إِلَّا بِسَبَبِ مَنْ أَفْسَدَ رَأْيَكَ فِيَّ، وَأَشْعَرَكَ الْوَحْشَةَ مِنِّي، وَالْآنَ فَأَنْتَ الْأَمِيرُ، وَأَنَا الطَّائِعُ لِأَمْرِكَ وَالتَّابِعُ لَكَ. فَقَا لَهُ قِرْوَاش ٌ: بَلْ أَنْتَ الْأَخُ، وَالْأَمْرُ لَكَ مُسَلَّمٌ، وَأَنْتَ أَقْوَمُ بِهِ مِنِّي. وَصَلَحَ الْحَالُ بَيْنَهُمَا، وَعَادَ قِرْوَاشٌ إِلَى التَّصَرُّفِ عَلَى حُكْمِ اخْتِيَارِه ِ. وَكَانَ أَبُو كَامِلٍ قَدْ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ غَرِيبِ بْنِ مُقْنٍ حَرْبَى وَأَوَانَا، فَلَمَّا اصْطَلَحَ أَبُو كَامِلٍ وَقِرْوَاشٌ أَرْسَلَا إِلَى حَرْبَى مَنْ مَنَعَ بِلَالًا عَنْهَا، فَتَظَاهَرَ بِلَالٌ (بِالْخِلَافِ عَلَيْهِمَا) وَجَمَعَ إِلَى نَفْسِهِ جَمْعًا وَقَاتَلَ أَصْحَابَ قِرْوَاشٍ، وَأَخَذَ حَرْبَى وَأَوَانَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا، فَانْحَدَرَ قِرْوَاشٌ مِنَ الْمَوْصِلِ إِلَيْهِمَا وَحَصَرَهُمَا وَأَخَذَهُمَا.

ذِكْرُ مَسِيرِ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ إِلَى شِيرَازَ وَعَوْدِهِ عَنْهَا

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْمُحَرَّمِ سَارَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ مِنَ الْأَهْوَازِ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ، فَوَصَلَهَا، وَخَرَجَ عَسْكَرُ شِيرَازَ إِلَى خِدْمَتِهِ، وَنَزَلَ بِالْقُرْبِ مِنْ شِيرَازَ لِيَدْخُلَ الْبَلَد َ.

ثُمَّ إِنَّ الْأَتْرَاكَ الشِّيرَازِيِّينَ وَالْبَغْدَاذِيِّينَ اخْتَلَفُوا، وَجَرَى بَيْنَهُمْ مُنَاوَشَةٌ اسْتَظْهَرَ فِيهَا الْبَغْدَاذِيُّونَ، وَعَادُوا إِلَى الْعِرَاقِ، فَاضْطَرَّ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ إِلَى الْمَسِيرِ مَعَهُمْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَثِقُ بِالْأَتْرَاكِ الشِّيرَازِيَّة ِ.

وَكَانَ دَيْلَمُ بِلَادِ فَارِسَ قَدْ مَالُوا إِلَى أَخِيهِ فُولَاسْتُونَ، وَهُوَ بِقَلْعَةِ إِصْطَخْرَ، فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>