قَالَ هُبَيْرَةُ بْنُ حُدَيْرٍ الْعَدَوِيُّ: رَجَعَ إِلَيْنَا بَعْدَمَا فُتِحَتْ إِصْطَخْرُ عِدَّةٌ مِنْهُمْ، وَشَدَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ وَهْبٍ عَلَى سِلْسِلَةِ الْبَابِ فَقَطَعَهَا وَخَرَجَ، وَاسْتَوْهَبَ هَوْذَةُ مِنَ الْمُكَعْبِرِ مِائَةَ أَسِيرٍ مِنْهُمْ فَأَطْلَقَهُمْ.
(حُدَيْرٌ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الدَّالِ) .
[ذِكْرُ مُلْكِ ابْنِهِ هُرْمُزَ بْنِ أَنُوشِرْوَانَ]
وَكَانَتْ أُمُّهُ ابْنَةَ خَاقَانَ الْأَكْبَرِ، وَكَانَ هُرْمُزُ بْنُ كِسْرَى أَدِيبًا ذَا نِيَّةٍ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الضُّعَفَاءِ وَالْحَمْلِ عَلَى الْأَشْرَافِ، فَعَادُوهُ وَأَبْغَضُوهُ، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَكَانَ عَادِلًا بَلَغَ مِنْ عَدْلِهِ أَنَّهُ رَكِبَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى سَابَاطِ الْمَدَائِنِ فَاجْتَازَ بِكُرُومٍ، فَاطَّلَعَ أَسْوَارٌ مِنْ أَسَاوِرَتِهِ فِي كَرْمٍ وَأَخَذَ مِنْهُ عَنَاقِيدَ حُصْرُمٍ، فَلَزِمَهُ حَافِظُ الْكُرُومِ وَصَرَخَ، فَبَلَغَ مِنْ خَوْفِ الْأَسْوَارِ مِنْ عُقُوبَةِ كِسْرَى هُرْمُزَ أَنْ دَفَعَ إِلَى حَافِظِ الْكَرْمِ، مِنْطَعَةً مُحَلَّاةً بِذَهَبٍ عِوَضًا مِنَ الْحُصْرُمِ فَتَرَكَهُ.
وَقِيلَ: كَانَ مُظَفَّرًا مَنْصُورًا لَا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى شَيْءٍ إِلَّا نَالَهُ، وَكَانَ دَاهِيًا رَدِيَّ النِّيَّةِ، قَدْ نَزَعَ إِلَى أَخْوَالِهِ التُّرْكِ، وَإِنَّهُ قَتَلَ الْعُلَمَاءَ وَأَهْلَ الْبُيُوتَاتِ وَالشَّرَفِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسِتَّمِائَةِ رَجُلٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ إِلَّا فِي تَأَلُّفِ السِّفْلَةِ. وَحَبَسَ كَثِيرًا مِنَ الْعُظَمَاءِ وَأَسْقَطَهُمْ وَحَطَّ مَرَاتِبَهُمْ وَحَرَمَ الْجُنُودَ، فَفَسَدَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِمَّنْ كَانَ حَوْلَهُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ شَابَهْ مَلِكُ التُّرْكِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ، فَوَصَلَ هَرَاةَ وَبَاذَغِيسَ، وَأَرْسَلَ إِلَى هُرْمُزَ وَالْفُرْسِ يَأْمُرُهُمْ بِإِصْلَاحِ الطُّرُقِ لِيَجُوزَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute