[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٦٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ وَمُلْكِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، تُوُفِّيَ رُكْنُ الدِّينِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ بُوَيْهٍ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مَمَالِكِهِ ابْنَهُ عَضُدَ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَرَضِهِ حِينَ سَمِعَ بِقَبْضِ بَخْتِيَارَ ابْنَ أَخِيهِ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ ابْنُهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ قَدْ عَادَ مِنْ بَغْدَاذَ، بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ بَخْتِيَارَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
وَظَهَرَ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ غَضَبُ وَالِدِهِ عَلَيْهِ، فَخَافَ أَنْ يَمُوتَ أَبُوهُ وَهُوَ عَلَى حَالِ غَضَبِهِ (فَيَخْتَلَّ مُلْكُهُ، وَتَزُولَ طَاعَتُهُ) ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الْفَتْحِ بْنِ الْعَمِيدِ، وَزِيرِ وَالِدِهِ، يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ مَعَ أَبِيهِ وَإِحْضَارَهُ عِنْدَهُ، وَأَنْ يَعْهَدَ إِلَيْهِ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ. فَسَعَى أَبُو الْفَتْحِ فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ إِلَيْهِ رُكْنُ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ قَدْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَسَارَ مِنَ الرَّيِّ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَوَصَلَهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأُحْضِرَ وَلَدُهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مِنْ فَارِسَ، وَجَمَعَ عِنْدَهُ أَيْضًا سَائِرَ أَوْلَادِهِ بِأَصْبَهَانَ، فَعَمِلَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْعَمِيدِ دَعْوَةً عَظِيمَةً حَضَرَهَا رُكْنُ الدَّوْلَةِ وَأَوْلَادَهُ، وَالْقُوَّادُ وَالْأَجْنَادُ.
فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ عَهِدَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ إِلَى وَلَدِهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بِالْمُلْكِ، وَجَعَلَ لِوَلَدِهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ هَمَذَانَ وَأَعْمَالَ الْجَبَلِ، وَلِوَلَدِهِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ أَصْبَهَانَ وَأَعْمَالَهُ، وَجَعَلَهُمَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ بِحُكْمِ أَخِيهِمَا عَضُدِ الدَّوْلَةِ. -
وَخَلَعَ (عَضُدُ الدَّوْلَةِ) عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، ذَلِكَ الْيَوْمَ، الْأَقْبِيَةَ وَالْأَكْسِيَةَ عَلَى زِيِّ الدَّيْلَمِ، وَحَيَّاهُ الْقُوَّادُ وَإِخْوَتُهُ بِالرَّيْحَانِ عَلَى عَادَتِهِمْ مَعَ مُلُوكِهِمْ، وَأَوْصَى رُكْنُ الدَّوْلَةِ أَوْلَادَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَتَرْكِ الِاخْتِلَافِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute