للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ]

٢٩٠ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ

ذِكْرُ أَخْبَارِ الْقَرَامِطَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، سَيَّرَ طُغَجُ بْنُ جُفٍّ جَيْشًا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الْقَرْمَطِيِّ، عَلَيْهِمْ غُلَامٌ لَهُ اسْمُهُ بَشِيرٌ، فَهَزَمَهُمُ الْقَرْمَطِيُّ، وَقَتَلَ بَشِيرًا.

وَفِيهَا حَصَرَ الْقَرْمَطِيُّ دِمَشْقَ، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا، وَقَتَلَ أَصْحَابَ طُغَجَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَأَشْرَفَ أَهْلُهَا عَلَى الْهَلَكَةِ، فَاجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَاذَ وَأَنْهَوْا ذَلِكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَوَعَدَهُمُ النَّجْدَةَ، (وَأَمَدَّ الْمِصْرِيُّونَ أَهْلَ دِمَشْقَ بِبَدْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْقُوَّادِ) ، فَقَاتَلُوا الشَّيْخَ مُقَدَّمَ الْقَرَامِطَةِ، فَقُتِلَ عَلَى بَابِ دِمَشْقَ، رَمَاهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ بِمِزْرَاقٍ، وَزَرَقَهُ نَفَّاطٌ بِالنَّارِ فَاحْتَرَقَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ.

وَكَانَ هَذَا الْقَرْمَطِيُّ يَزْعُمُ أَنَّهُ إِذَا أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الَّتِي فِيهَا مُحَارِبُوهُ انْهَزَمُوا.

وَلَمَّا قُتِلَ يَحْيَى الْمَعْرُوفُ بِالشَّيْخِ وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ، اجْتَمَعَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَلَى أَخِيهِ الْحُسَيْنِ، وَسَمَّى نَفْسَهُ أَحْمَدَ، وَكَنَّاهُ أَبَا الْعَبَّاسِ، وَدَعَا النَّاسَ فَأَجَابَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَوَادِي وَغَيْرُهُمْ، فَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُ، وَأَظْهَرَ شَامَةً فِي وَجْهِهِ، وَزَعَمَ أَنَّهَا آيَتُهُ. فَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى خَرَاجٍ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>