[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٦٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْعِرَاقِ وَقَبْضِ بَخْتِيَارَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْعِرَاقِ، وَقَبَضَ بَخْتِيَارَ ثُمَّ عَادَ فَأَخْرَجَهُ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَخْتِيَارَ لَمَّا تَابَعَ كُتُبَهُ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ يَسْتَنْجِدُهُ، وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْأَتْرَاكِ، وَسَارَ إِلَيْهِ فِي عَسَاكِرِ فَارِسَ، وَاجْتَمَعَ بِهِ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْعَمِيدِ، وَزِيرُ أَبِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فِي عَسَاكِرِ الرَّيِّ بِالْأَهْوَازِ، وَسَارُوا إِلَى وَاسِطَ. فَلَمَّا سَمِعَ الْفَتْكِينُ بِخَبَرِ وُصُولِهِمْ رَجَعَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَيُقَاتِلَ عَلَى دَيَالَى.
وَوَصَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فَاجْتَمَعَ بِهِ بَخْتِيَارُ، وَسَارَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَأَمَرَ بَخْتِيَارَ أَنْ يَسِيرَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ.
وَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ بِقُرْبِ الْفَتْكِينَ مِنْهُ عَادَ عَنْ بَغْدَاذَ إِلَى الْمَوْصِلِ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ شَغَبُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمُقَامَ، وَوَصَلَ الْفَتْكِينُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَحَصَلَ مَحْصُورًا مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ بَخْتِيَارَ كَتَبَ إِلَى ضَبَّةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ عَيْنِ التَّمْرِ، وَهُوَ الَّذِي هَجَاهُ الْمُتَنَبِّي، فَأَمَرَهُ بِالْإِغَارَةِ عَلَى أَطْرَافِ بَغْدَاذَ، وَبِقَطْعِ الْمِيرَةِ عَنْهَا، وَكَتَبَ بِمِثْلِ ذَلِكَ إِلَى بَنِي شَيْبَانَ.
وَكَانَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ يَمْنَعُ الْمِيرَةَ وَيُنَفِّذُ سَرَايَاهُ، فَغَلَا السِّعْرُ بِبَغْدَاذَ، وَثَارَ الْعَيَّارُونَ وَالْمُفْسِدُونَ فَنَهَبُوا النَّاسَ بِبَغْدَاذَ، وَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الْمَعَاشِ لِخَوْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute