حُنُوخَ بْنِ قَيْنِ بْنِ آدَمَ إِيَّاهُ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ عُمُرِ آدَمَ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَقَدْ كَانَ لَهُ حِينَ وَفَاةِ أَبِيهِ آدَمَ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، عَلَى حِسَابِ أَنَّ عُمُرَ آدَمَ كَانَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَقَدْ زَعَمَتِ الْفُرْسُ أَنَّ مُلْكَ أُوشْهَنْجَ كَانَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّسَّابَةُ الَّذِي ذَكَرْتُ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُ فَمَا يَبْعُدُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُلْكَهُ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَتَيْ سَنَةٍ.
[ذِكْرُ وَفَاةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ]
ذِكْرُ أَنَّ آدَمَ مَرِضَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَوْصَى إِلَى ابْنِهِ شِيثٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْفِيَ عِلْمَهُ عَنْ قَابِيلَ، وَوَلَدِهِ لِأَنَّهُ قَتَلَ هَابِيلَ حَسَدًا مِنْهُ لَهُ حِينَ خَصَّهُ آدَمُ بِالْعِلْمِ، فَأَخْفَى شِيثٌ وَوَلَدُهُ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَابِيلَ وَوَلَدِهِ عِلْمٌ يَنْتَفِعُونَ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ حِينَ خَلَقَهُ: ائْتِ أُولَئِكَ النَّفَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قُلِ السَّلَامُ عَلَيْكَمْ، فَأَتَاهُمْ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا لَهُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ قَبَضَ لَهُ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ خُذْ وَاخْتَرْ. فَقَالَ: أَحْبَبْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، فَفَتَحَهَا لَهُ فَإِذَا فِيهَا صُورَةُ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ كُلِّهِمْ، وَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ أَجَلُهُ، وَإِذَا آدَمُ قَدْ كُتِبَ لَهُ عُمُرُ أَلْفِ سَنَةٍ، وَإِذَا قَوْمٌ عَلَيْهِمُ النُّورُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ النُّورُ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ الَّذِينَ أُرْسِلُهُمْ إِلَى عِبَادِي، وَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ هُوَ مِنْ أَضْوَئِهِمْ نُورًا وَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ إِلَّا أَرْبَعُونَ سَنَةً. فَقَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، هَذَا مِنْ أَضْوَئِهِمْ وَلَمْ تَكْتُبْ لَهُ إِلَّا أَرْبَعِينَ سَنَةً، بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: ذَلِكَ مَا كَتَبْتُ لَهُ. فَقَالَ: يَا رَبِّ، انْقُصْ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَلَمَّا أُهْبِطَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute